للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو القاتلُ، ومنهم مَن تَلزمُه المعاوَنةُ أو الرِّضا به، ومنهم مَن يَلزمُه أن لا يتعدَّى بل يقتصُّ، أو يأخذُ الدِّيةَ، أو يَعفو.

والقصُّ: قطعُ الشيء على سبيلِ الاحتذاء، ومنه قَصَّ شعرَه، وقَصَّ أثرَه، وقَصَّ الحديث: اقتطع كلامًا حاذيًا حذوَ غيره، والقِصَّة اسمٌ منه.

وحقيقةُ القصاص: أن يُفعل بالقاتل أو الجارح مِثْلَ ما فَعَلَ، ففيه إشارةٌ إلى أن القصد بالآية منعُ التعدِّي، فإنَّ أهل الجاهلية كانوا يتعدَّون في القتل.

وكلمة ﴿فِي﴾ [في] (١) ﴿فِي الْقَتْلَى﴾ للسببية؛ كهي في قوله تعالى: ﴿لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ [يوسف: ٣٢].

والقتلى: جمع قتيل، والإتيانُ بصيغة الجمع للاهتمام في المنع عن التعدِّي، فإنه إذا كان ممنوعًا في قتلِ جماعة فالمنع عنه في قتلِ واحدٍ بطريقِ الأَولى.

﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾؛ أي: يُقتصُّ الحرُّ القاتلُ بالحرِّ المقتول (٢)، ولا يُتعدَّى من الحرِّ إلى العبد لخساسةِ وليِّ المقتول، ولا من واحدٍ إلى اثنين لشرفه.

﴿وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ ولا يُتعدَّى من العبد إلى الحرِّ لشرف مولَى المقتول وقبيلتِه.

﴿وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ ولا يُتعدى من الأنثى إلى الذَّكر لشرف المقتولة.

كان بنو النَّضير يقولون لبني قُريظةَ: إذا قتلتُم منَّا عبدًا قتلْنا منكم حرًّا، وإذا قتلتُم منَّا امرأةً قتلنا منكم رجلًا، وإذا قتلتُم منَّا حرًّا قتلْنا منكم حرَّينِ، وكانوا على ذلك قبلَ ظهور النبيِّ ، فلما جاء الإسلام تحاكَموا إلى رسول الله فنزلت، وأمرهم أن يتباوؤا.


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) في (ف): "الحر القاتل بالمقتول".