للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلا دلالة فيها على أنْ لا يُقتل الحرُّ بالعبد والذَّكرُ بالأنثى، كما لا دلالة على عكسه؛ فإن المفهوم إنما يعتبر حيث لا يظهر للتخصيص وجهٌ سوى اختصاصِ الحكم، وقد ظهر هنا وجهُه فلا متمسَّك للقائلين بحجيَّة المفهوم في هذه الآية لإثبات ما قالوا مِن عدمِ قتلِ الحرِّ بالعبد.

﴿فَمَنْ عُفِيَ﴾ تفريع على ما في عبارة القِصاص من الإشارة إلى أنَّ المكتوب حقُّ العبد سقط بإسقاطه.

﴿لَهُ﴾ مفعول به، لكنْ لكونه بواسطة حرف الجرِّ كان مُساويًا للمصدر وغيرِه في جواز الإسناد إليه.

﴿مِنْ أَخِيهِ﴾؛ أي: من جهةِ أخيه، يجوز أن يَتعلَّق بالفعل وأن يكون حالًا من ﴿شَيْءٌ﴾، يعني: وليَّ الدم، وإنَّما ذكره بهذه العبارة تذكيرًا لِمَا بينهما من الأخوَّة الدينيَّة والجِنسيَّة؛ ليَرِقَّ له وَيعطفَ عليه فيتساهلَ.

﴿شَيْءٌ﴾؛ أي: شيءٌ كلا من العفو، بأنْ كان للقتيل أولياءُ فعفَى بعضُهم فصار نصيبُ الباقين (١) مالًا، وهو حصتُهم من الدِّيَة، فهو في مَوقع المفعول المطلَق المقيَّدِ الموصوف؛ مثل: ضُرِبَ ضرب شديد؛ لمَا في تنكير ﴿شَيْءٌ﴾ من الدلالة على ذلك، وفائدتُه: الإشعار بأنَّ بعض العفوِ كالعفوِ التامِّ في إسقاط القصاص.

ولا يصحُّ أن يكون ﴿شَيْءٌ﴾ مفعولًا به؛ لأنَّ ﴿عُفِيَ﴾ لا يتعدَّى بنفسه إلى المفعول به، لكن بـ (عن) إلى الجاني وإلى الذنب، وإذا تعدَّى إلى الذنب بـ (عن) (٢) عُدِّي إلى


(١) في (ف) و (م): "الباقي".
(٢) في (ف) و (م): "يعني"، وفي (د): "معين"، وكلاهما تصحيف.