للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العفو العاري (١) عنها، وذلك أنَّ عفو بعض القصاص لمَّا كان مشروعًا لكونه حقَّ العبد، عُلم منه بطريقِ الدلالة أن عفوَ كله أيضًا مشروع.

﴿تَخْفِيفٌ﴾: تسهيلٌ بدفع القصاص عن الجاني.

﴿مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ بنفع الوليِّ حيث لم يضع حقَّه، والفصلُ بينهما بقوله: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ للإيذان بتعلُّقه بهما كما في قوله تعالى: ﴿لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨].

قال ابن عباس والحسن البصريُّ : كان في شريعة موسى القتل لا غير، وفي شريعة عيسى العفو لا غير، وفي شريعتنا القصاصُ ثابتٌ والعفوُ حسنٌ والصلحُ جائزٌ، على حسب ما يراه العبد أنفعَ له وأشفَى لقلبه وأوفَقَ لمراده.

ومَن قال: خيرت (٢) هذه الآيةُ (٣) بين الثلاث: القصاصِ والديةِ والعفوِ، لم يُصبْ؛ إذ ليس الثاني منها (٤) باختيار الولي؛ لأنَّه بدل صلح (٥) لا يكون إلا برضا الجاني.

بقي هاهنا شيءٌ: وهو أن قولهما: كان في شريعة موسى القتلُ لا غير، محلُّ بحث؛ فإن ما يأتي في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ [الأعراف: ١٤٥] أنَّ الحسن هو الاقتصاص والأحسنَ العفوُ (٦)، صريحٌ في أن ذلك في التوراة إذ ضميرُ (أحسنها) للألواح.


(١) في (ك): (العري).
(٢) في (د): "وخيرت"، و في (ك): "وخير". و في (م). "فخيرت".
(٣) في (د): "الأمة".
(٤) في (م): "اثنان منها".
(٥) في (م): "الصلح".
(٦) في هامش (د) و (ف) و (م): "هذا التفسير مذكور في الكشاف وغيره. منه".