للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قال: (وفي الآية دلالةٌ على وقوع الحساب، فيكون حجةً على مَن أنكره من المعتزلة والروافض).

وأما الردود على المعتزلة فقد حفل بها هذا التفسير؛ ولعل ذلك لكثرة تأويلهم للقرآن لإثبات مذهبهم، وخفاءِ دسائسهم في كثير من الأحيان، وقد يكون من أسباب ذلك أيضًا شدة التصاقه بـ "كشاف " الزمخشري الذي دسَّ فيه كثيرًا من التأويلات الموافقة لمذهبه، فكان لزامًا على المؤلف الوقوفُ عند كلِّ شبهة، وردُّ كل تأويل يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، فلم يترك آيةً فيها ردٌّ على المعتزلة إلَّا وَقَفَ عندها واسْتَنْبَطَ منها ما يفنِّد مذهَبَهم، أو أبرز ما ينفي فاسدَ تأويلهم، وأظهر الحجة لأهل السنَّة عليهم، وهذه الردود منها ما كان من خلال الردِّ على الزمخشري، ومنها ما هو ردٌّ مباشر عليهم:

فمن ذلك ما جاء في تفسير: ﴿لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الإسراء: ١٢] قال: (وفي عبارة الفضل إشارة إلى أنَّه لا يجبُ على الله تعالى أن يرزقَ عبادَه، وإنَّما ذلك تفضُّلًا، ففيه رَدٌّ على المعتزلة).

ومنه ردُّه عليهم معرِّضًا بالزمخشري في قوله تعالى: ﴿أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] حيث قال: (وهو حجَّةٌ على مَن منع إيتاءَ اللهِ الملكَ الكافرَ من المعتزلة. والجواب بأن المراد إيتاءُ الأسباب لا يَشْفي كما لا يَخْفَى على ذوي الألباب، وكذا ما قيل: ملَّكه امتحانًا إذ ما من قبيحٍ إلا ويمكن أن يكون فيه غرضٌ صحيح مثل الامتحان).

فقوله: (والجواب بأن … ) تعريض بالزمخشري حيث ذكر في "الكشاف"

<<  <  ج:
ص:  >  >>