للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ رِجَالِكُمْ﴾؛ أي: من المؤمنين البالغين، أمَّا البلوغ فلا بدَّ منه قطعاً، وأمَّا الإسلام فلا بد منه أيضاً إن كان المديون مسلماً، وإن كان كافراً فاعتبارُه احتياطاً لأنَّه يَحتمِل أن يُسلم، فلا دلالة في الآية على أنه لا تُسمع شهادة الكفار بعضِهم على بعض.

ثم إنَّ المقصود بيانُ النصاب لا بيانُ الشرائط، فلهذا لم يتعرَّض لقيدِ الحرية والعقل.

﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾: فإن لم يكن الشهيدان رجلين.

﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ فليَشهد رجل وامرأتان.

مَن قال: هذا مخصوص بالأموال عندنا، وبما عدا الحدود والقصاص عند أبي حنيفة، فكأنه ذَهَلَ عن أن الكلام في الإشهاد على الدَّين.

فإن قلتَ: أليس كلٌّ منهما نصابُ الشهادة بلا تفاوتٍ بينهما ولا توقُّفٍ لصحة الثاني على عدم الأول؟

قلتُ: نعم، لا توقُّف لصحة الثاني (١) على عدم الأول، ولهذا لم يقل: فإن لم يوجَدا فرجل وامرأتان، وأمَّا عدم التفاوت بينهما فممنوعٌ، فإن الأصل هو الأول، وهو الراجح، ولهذا صدَّر الشرطية المذكورة بأداة الترتيب.

﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ أي: من العُدول المَرْضيِّين (٢) من الشهود.

﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ علَّةٌ لإقامة شهادة امرأتين مقامَ


(١) في (ك) و (م): "لصحته".
(٢) في (ف): "المؤمنين".