للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾؛ أي: لا يَمتنعِ المدعوُّون لتحمُّل الشهادة عن الحضور ليتحمَّلوا الشهادة، وكأنَّ تسميتَهم شهداء قبل التحمُّل تنزيلاً للمُشارف منزلةَ الكائن، أو: لا يمتنعِ المتحمِّلون إذا دُعوا إلى أداء الشهادة ليؤدُّوها، والنهيُ عن الأول تنزيهاً، وعن الثاني تحريماً.

﴿وَلَا تَسْأَمُوا﴾ نهيٌ عن الضجر والملل من كثرة المُداينات.

﴿أَنْ تَكْتُبُوهُ﴾؛ أي: لا تَملُّوا أن تكتبوا الدَّينَ، أو الحقَّ، أو الكتابَ، كذا قالوا.

وَيرِدُ عليه: أن الضجر والملل إنما يكون بعد الشروع فيه، والإكثارِ منه، والمراد هنا النهيُ عن السآمة من أنْ يُكتب ابتداء، فالوجهُ أن تكون السآمة كنايةً عن الكسل، والمصيرُ إلى الكناية لا لأنَّه من صفة المنافق، إذ حينئذ لا يُجدي تغيير التعبير، بل لأن تلك العبارة كانت دائرةً على ألسنة المنافقين فصارت من شعارهم، ولذلك قال : "لا يقولُ المؤمن: كَسِلتُ" (١).

﴿صَغِيرًا﴾ قدِّم اهتماماً به (٢)، وانتقالاً من الأدنى إلى الأعلى ﴿أَوْ كَبِيرًا﴾ حالان منه، أي: لا تسأموا كتابةَ الحقِّ أو الدِّينِ على أيِّ حالٍ كان من صغرٍ أو كبرٍ (٣)، أو: لا تسأموا أن تكتبوه مختصراً أو مُشْبَعاً، على أن الضمير للكتاب.

﴿إِلَى أَجَلِهِ﴾: إلى (٤) وقتِه الذي عيَّنه المتداينان.

﴿ذَلِكُمْ﴾ إشارة إلى ﴿أَنْ تَكْتُبُوهُ﴾ لأنَّه في معنى المصدر.


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٣٢٦٣)، ولم أجده مسنداً.
(٢) "به "ليست في (د).
(٣) في (ف): "صغير أو كبير".
(٤) في (د): "أي".