﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ كرَّر لفظة (اللّه) ثلاثَ مراتٍ متوالياتٍ، وكان الثاني والثالث موضعَ كناية، ولهذا الباب قانونٌ يعرف به المستحسَن من المستقبَح، وهو: أن كلَّ تكرير على طريق تعظيم الأمر أو تحقيره في جملٍ متوالياتٍ كلُّ جملة منها مستقلةٌ بنفسها، فذلك غيرُ مستقبَحٍ، وإذا كان ذلك في جملةٍ واحدة، أو في جملٍ في معنًى واحد، ولم (١) يكن فيه التعظيم أو التحقير، فذلك مستقبَح.
وهذا ظاهر في الآية، فإن الجملة الأولى منها حثٌّ على التقوى، والثانيةَ تذكيرٌ بنعمته، والثالثةَ تعظيم له متضمِّن لوعدٍ ووعيدٍ شديد، وقُصد تعظيم كلِّ واحد من هذه الأحكام، فأعيد لفظةُ (اللّه) فيها.
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ﴾ لم يقل: مسافرين؛ لِمَا بينهما من الفرق الظاهر، فإنَّ مَن دخل مدينةً ولم ينوِ الإقامة مسافرٌ، ولكنه ليس على سفرٍ، والمناسبُ لأنْ لُذكر تمهيداً لقوله: ﴿وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾ هو الثاني دون الأول.
﴿فَرِهَانٌ﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: فالذي يُستوثَق به رهانٌ وهو جمع رهنٍ،
(١) في (ح) و (د) و (ف): "أو لم"، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق للمصادر. انظر: "فتوح الغيب" للطيبي (٣/ ٥٦٣)، و"حاشية الشهاب على البيضاوي" (٢/ ٣٥١)، و"وروح المعاني" (٣/ ٥٠٠).