للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو العين المقبوض بالدَّين توثيقاً له، وقرئ: ﴿فَرِهَانٌ﴾ (١) وهو جمعُ جمعٍ.

قال الجوهري: كأنه يُجمع رَهْنٌ على رِهَانٍ، ثم يُجمعُ على رُهُنٍ، مثل: فِرَاشٍ وفُرُشٍ، ولا يجمع فَعْلٌ على فُعُلٍ إلا قليلاً شاذاً (٢).

و ﴿مَقْبُوضَةٌ﴾ نعتٌ للرهان، ودلَّ ذلك على أن حكمه دوامُ الحبس؛ فإنه لا يصير رَهناً إلا بابتداء القبض، فذِكرُ الرَّهن ذكرٌ لذلك القبض، ثم وصفُها بالمقبوضة بعد ذلك اشتراطٌ لدوام القبض فيها، وليس الغرضُ تخصيصَ الرَّهن بالسفر شرطاً في جوازه، لكنْ لمَّا كان السفر مَظِنَّةَ إعْوازِ الكاتب والشهيد أُرشد المسافر إلى حفظ المال بأنْ يقيم التوثُّقَ بالارتهان مقامَ التوثُّقِ بالكَتْب والإشهاد.

وعن مجاهد والضحاك: أنهما لم يجوِّزاه إلا في حال السفر أخذاً بظاهر الآية، وليس بشيء؛ لأن رسول اللّه رهن درعه في حضَرٍ (٣)، وأمَّا القبض فلا بد من اعتباره على ما نبَّهت عليه (٤) آنفاً، وعليه الجمهور.

وقال مالك: يصحُّ الرهن بمجرَّد الإيجاب والقبول بدون القبض.

﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾: فإنْ أَمِنَ بعضُ المتدايِنينَ بعضَ المديونين لحُسن ظنه به.

﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾؛ أي: فليَجِبْ على المديون أداءُ أمانته التي ائتَمَنه


(١) قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو. انظر: "التيسير" (ص: ٨٥).
(٢) انظر: "الصحاح" (مادة: رهن).
(٣) رواه البخاري (٢٩١٦) من حديث عائشة .
(٤) "عليه" ليست في (د).