للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليها بأنْ لم يَرتهن منه شيئاً؛ حثاً له على أن (١) يكون عند ظنه به، وفي تسمية الدَّين أمانةً أيضاً حثّ للمديون على أدائه، وإن كان مضموناً بخلافِ الأمانة.

وقرئ: (فإن أومن)؛ أي: آمَنَه الناس بأنْ وصفوه بالأمانة والدِّيانة والاستغناء عن الارتهان من مثله (٢).

﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ نهيٌ عن الخيانة وإنكار الحق على أبلغ وجه، وقد مرَّ وجه الجمع بين اسم الذات والوصف.

﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ﴾ خطاب للشهود.

﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾، ﴿آثِمٌ﴾ خبر (إنَّ)، و ﴿قَلْبُهُ﴾ فاعل ﴿آثِمٌ﴾؛ أي: فإنه يأثم قلبُه. أو ﴿قَلْبُهُ﴾ مبتدأ و ﴿آثِمٌ﴾ خبره، والجملة خبر (إنَّ).

وقرئ: (قلبَه) بالنصب كقوله: ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠] (٣).

وقرئ: (أثَم قلبَه)؛ أي: جعَله آثماً (٤).

أُسند الإثم إلى القلب لكونه أبلغَ من وجوه:

أحدها: أن يُعلم أنه الذي أَضمرها، ولم يؤدِّ إلى اللسان ليُظهرها، فالقلب هو المقترِف، فيكون صاحبه قاصداً للذنب لا اللسان، فيكون كالبوادر.

والثاني: أن الفعل إذا أُسند إلى الجارحة التي عُمل بها كان أبلغ وآكَدَ؛ كما إذا أردتَ التأكيد قلتَ: هذا مما أبصره عيني، وسمعه أذني، وعرفه قلبي.


(١) في (ك) و (م): "أنه".
(٢) انظر: "الكشاف" (١/ ٣٢٩)، وعزا الزمخشري القراءة لأبيٍّ .
(٣) تنسب لابن أبي عبلة. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٨).
(٤) انظر: "الكشاف" (١/ ٣٣٠) وعزاها الزمخشري لابن أبي عبلة أيضاً.