للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثالث: أن القلب هو الرئيس، والأصل في البِنْية، فإسناده إليه أفاد أنه تمكَّن في أصل نفسه ومَلَك أشرف محل فيه، ورسخ في ذاته.

الرابع: أن الآثام المتعلقة بالأعضاء الظاهرة أسهلُ وأخفُّ وأسرع زوالاً ما دام القلب سليماً، وأما القلبيات فتكون أشدَّ وأغلظ وأبعدَ عن العفو (٥).

الخامس: الإيذان بأن الكتمان من الكبائر المتعلقة بالعقائد كالكفر والنفاق والشرك وأمثالها، ولهذا قال ابن عباس : أكبر الكبائر الإشراك باللّه؛ لقوله تعالى: ﴿فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [المائدة: ٧٢] وشهادة الزور، وكتمان الشهادة.

السادس: القلب هو الأصل الذي يتقوَّم به سائر الأعضاء، فأفعاله هي الأصول التي يتشعَّب منها (٦) أفعال الجوارح، ألا ترى أن أصل الحسنات والسيئات الإيمان والكفر، فهو الذي إذا صلح صلح الكلُّ، وإذا فسد فسد الكلُّ، فإذا تأثَّم القلب تأثَّم الكل.

﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ وعيدٌ وتهديد (٧).

* * *

(٢٨٤) - ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾.

﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ناسَبَ ختمُ ما في هذه السورة من الكلام المشتمِل للأحكام العديدة، والتكاليف الشديدة، بذكر أنه تعالى له ما في


(٥) في (ك): "الغفر".
(٦) في (ك) و (م): "عنها".
(٧) في (ك) و (ف): "وعيد تهديد".