للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه: أن قوله: ﴿وَأَطَعْنَا﴾ يغني عنه، والإفادةُ خيرٌ من الإعادة، ويجوز أن يكون المراد: سمعنا قولك فيما كلَّفْتَنا وأطَعْنا أمرك في ذلك.

﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ منصوبٌ بإضمار فعله، يقال: غفرانك لا كفرانك؛ أي: نستغفرك ولا نَكفرُك؛ أي: من التقصير في حقِّك وفي عبادتك التي لا نُوفي حقَّها.

* * *

(٢٨٦) - ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾: إلا ما يسع (١) فيه طوقُها ويتيسَّر عليها، دون مدى الطاقة والمجهود، وهذا إخبارٌ من عدله ورأفته؛ كقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]؛ لأنَّه كان في طاقته أن يصلِّي أكثر من الخمس، ويصومَ أكثر من الشهر، ويحجَّ أكثر من حجة، وفيه دلالة على عدم وقوع التكليف بالمحال، وأمَّا أنه ممتنعٌ فلا دلالة عليه، بل الظاهر من الإخبار عن عدم وقوعه إمكانُه.

﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ من ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ من شرٍّ، وتقديم (لها) و (عليها) على الكسب والاكتساب للتخصيص؛ أي: لا يثابُ بخيرها ولا يؤاخَذ بشرها غيرُها، بل يختصَّان بها.


(١) في (د): "يتسع".