للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتخصيص الكسب بالخير والاكتسابِ بالشر؛ لأنَّ الاكتساب فيه اعتمالٌ، والشرَّ تشتهيه النفس وتنجذبُ إليه، فكان أجدَّ في تحصيله وأعملَ، بخلافِ الخير.

وفيه التنبيهُ على زيادة اللطف، وكمال الفضل، حيث يُثيب على الخير كيفما وقع، ولا يُعاقبُ على الشر إلا بعد الاعتمال فيه وقوةِ التصرُّف.

﴿رَبَّنَا﴾؛ أي: يقولون: ربنا، كما تقدَّم، وما بينهما إخبارٌ من الله تعالى، والاعتراضُ قبل (١) تمام الكلام كثيرٌ في القرآن.

﴿لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ النسيان والخطأ مَجازان من باب إطلاق اسم السبب على المسبب؛ أي: لا تؤاخذنا إنْ فرَط منا ذنبٌ بسبب النسيان أو الخطأ.

أو من بابِ إطلاق اسم المسبَّب على السبب؛ أي: لا تؤاخذنا بما أدَّى بنا إلى النسيان والخطأ من تفريطٍ وقلةِ مبالاةٍ.

ويجوز أن يكون على حقيقتهما؛ إذ لا تمتنع المؤاخذة بهما عقلًا، لكنه تعالى وغد التجاوز عنهما رحمةً وفضلًا، فيجوز أن يدعو الإنسان فيه استدامةً واعتدادًا بالنعمة فيه.

وقولُه : "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" (٢) يَحتمِل المعنيين


(١) في (د): "من قبل".
(٢) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٩٥)، وابن حبان في "صحيحه" (٧٢١٩)، والحاكم في "المستدرك" (٢٨٥١)، وابن حزم في "الإحكام " (٥/ ١٤٩)، من حديث ابن عباس بلفظ: "إن الله تجاوز عن أمتي … " وصححه الحاكم وابن حزم، وقد أعله أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (١/ ٤٣١) لكن بعلة غير قادحة كما قال الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٦١). ورواه ابن ماجه (٢٥٤٥) بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي … "، لكن في إسناده انقطاع كما استظهر البوصيري في "الزوائد".