أيضًا؛ لأن المرفوع أثرهما لا نفسُهما، وعلى هذا يصحُّ أن يراد المعنى الأول.
﴿رَبَّنَا﴾ تكرير للمنادى فلا يُخلُّ بعطف قوله: ﴿وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا﴾ على قوله: ﴿لَا تُؤَاخِذْنَا﴾.
﴿إِصْرًا﴾ الإصر: العبءُ الذي يَأصِرُ حاملَه؛ أي: يحبسُه في مكانه لا يستقلُّ به لثِقله، والمراد به: التكاليفُ الشاقة.
وقرئ:(ولا تحمِّل) بالتشديد (١)؛ للمبالغة في الطلب لا في المطلوب انتفاؤه.
﴿كَمَا حَمَلْتَهُ﴾ حملًا مثلَ حملِكَ إياه ﴿عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ من الأمم، أو: مثلَ الذي حملتَه عليهم، فيكونُ صفةً لـ ﴿إِصْرًا﴾.
والمراد به ما كلِّف به بنو إسرائيل من قتل الأنفس، وقطعِ موضع النجاسة، وخمسين صلاةً في اليوم والليلة، وصرفِ ربع المال للزكاة.
﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ من العقوبات النازلة بالأمم السالفة، طلبوا الإعفاء عن التكاليف الشاقَّة التي كُلِّفها مَن قبلَهم، ثم عمَّا نزل بهم من العقوبات لتفريطهم في المحافظة عليها.
وقيل: هو تأكيد للأول بالتكرير.
أو المراد به: الشاقُّ الذي لا يكاد يُستطاع من التكاليف، وهذا دليل على جواز التكليف بما لا يطاق، ولم يتعيَّن هذا المعنى مرادًا من الآية حتى تتمَّ الدلالةُ فيها على جوازه.