فمن أمثلة العرض دون ترجيح وقوفُه عند آيات الحج في سورة البقرة، حيث أكثر من ذكر المذهبين الشافعي والحنفي دون ترجيح كما في تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] حيث قال: (فعليه دمٌ بسبب التمتُّع هو هديُ المتعة، وهو نسكٌ عند أبي حنيفةَ لا يذبحُه إلا يومَ النحر ويأكلُ منه، وجُبرانٌ عند الشافعيِّ يجوز ذبحُه إذا أَحرم بحجَّته؛ لأن السبب هو التمتُّع، ولا يتحقَّق إلا به، ولا يأكل منه لأنَّه دمُ جنايةٍ.
﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾؛ أي: الهدي ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ و: في أيام الاشتغالِ به بعد الإحرام عند الشافعيِّ، وعند أبي حنيفة: في وقت الحج؛ أي: في أشهُره ما بينَ الإحرامين، وأفضلُه اليومُ السابع ويومُ الترويةِ وعرفةَ، ولا يجوز في أيام النحر وأيامِ التشريق عند الأكثر.
﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ إلى أهليكم، وهو أحدُ قولي الشافعيِّ، أو نفرتُم وفرغتُم من أفعال الحج، وهو قوله الثاني ومذهبُ أبي حنيفة).
ومثله ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧]: أَلزمه نفسَه بالإحرام، ولا خلاف فيه، إنما الخلافُ بيننا وبين الشافعيِّ في أن الإحرام يَتمُّ بالنية، أو لا يَتمُّ بل لا بدَّ من التلبية معها أو من سَوقِ الهدي).
وفي تفسير ﴿لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ﴾ [النساء: ٢٥] قال: (أخذ الشافعي بظاهر الآية وقال: لا يجوز نكاح الأمة إلا بثلاث شرائطَ؛ اثنان في الناكح: عدمُ طَول الحرة وخشيةُ العنت، والثالث في المنكوحة وهي أن تكون مؤمنةً، وهذه الأشياء عندنا للاختيار لا للاشتراط).