يغيَّر عن صيغة الواحد المذكَّر؛ لأن تمامه بـ (مِن)، ولا يثنَّى الاسم ولا يُجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولا بد في المعرف باللام من المطابقة، وفي المضاف جاز الأمران).
ومن إيراده للفوائد أيضًا قوله: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ﴾ [التوبة: ٣٦] لما كان جمعُ الحُرُم للقلَّة عاد الضميرُ عليها بالنون، تقول العرب: الجذوع انكسرت؛ لأنَّه جمع كثرة، والأجذاع انكسرْنَ؛ لأنَّه جمع قلَّةٍ.
وفي قوله: ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾ [هود: ٢٨] قال: (وإذا اجتمعَ ضميران وليس أحدُهما مرفوعًا، وقدِّمَ الأعرفُ، جازَ في الثاني الاتصالُ كما وقع هاهنا، والانفصالُ كما لو قيلَ: أنلزِمُكم إياها).
ومن ذلك كلامه في ضمير الفصل في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ﴾ [مريم: ٤٠] حيث قال: (﴿نَحْنُ نَرِثُ﴾ مبتدأ وخبر، والجملة في محلِّ الرفع خبرُ (إنَّ)، ولا يجوز أن يكون (نحن) فَصْلًا؛ لأنَّ (نرث) نكرةٌ، والفَصْل لا يقع إلا بين معرفتين، أو قريبين من المعرفة).
وكذا كلامه في علة العطف بالمضارع في قوله تعالى: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ بعد الماضي في قوله: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾ [فاطر: ٩]، فقال:(على حكايةِ الحالِ الماضيةِ، وقد خُولِفَ به عمَّا قبلَه وما بعدَه إلى المضارع؛ استحضارًا لتلك الصُّورة البديعة الدَّالة على القدرة الباهرة من إثارة الرِّيح السَّحابَ، وما يقارنُه من إنزال المطر وغيره.
وهكذا يُغيَّر النَّظم في كلِّ أمرٍ عجيبٍ وفعلٍ يختصُّ بحالٍ يُستَغرَبُ، أو يهمُّ المخاطِبَ أو المخاطَبَ، أو يتميَّز بنوعِ شرفٍ، وغير ذلك).