ومن الأمثلة الحسنة لوقفات المؤلف النحوية، ولعنايته بالناحية النحوية والإعرابية المتعلقة بالمعاني مع ردِّه لما ذهب إليه الزمخشري والبيضاوي: ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾ [التوبة: ٦٣]، حيث قال: ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾ [التوبة: ٦٣] على حذف الخبر؛ أي: فحقّ أنَّ له، أو على تكرير (أنَّ) للتَّأكيد.
قيل [القائل الزمخشري وتابعه البيضاوي]: يجوز أن يكون معطوفًا على ﴿أَنَّهُ﴾ ويكون الجوابُ محذوفًا، تقديره: مَن يحاددِ اللهَ ورسولَه يهلك، فيكون ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ في موضع نصب.
وهذا الذي قرَّره لا يصح؛ لأنهم نصُّوا على أنَّه إذا حُذِفَ الجواب لدلالة الكلام عليه كان فعل الشَّرط ماضيًا في اللَّفظ، أو مضارعًا مجزومًا بـ (لم)، فمن كلامِهم: أنت ظالم إن فعلت، ولا يجوز: إن تفعل، وهنا حذف جواب الشَّرط، وفعلُ الشَّرط ليس ماضيَ اللَّفظ ولا مضارعًا مقرونًا بـ (لم)، وذلك إن جاء في كلامهم فمخصوصٌ بالضرورة، وأيضًا فتجدُ الكلامَ تامًّا دونَ تقدير هذا الجواب).
والكلام هنا منقول من "البحر المحيط"(١).
كما يلاحظ أن منهجه في إيراد الأقوال النحوية هو أنه يجزم بالأقوى والأولى عنده ولا يلتفت إلى غيره بل يهمله ولا يذكره أصلًا، كما في تفسير قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢]