للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أما عقد النكاح فقد قال بعضهم إنه يفيد ملك الذات في حق الاستمتاع بمعنى أنه يفيد ملك البضع الذي يستمتع به وقال بعضهم إنه يفيد بالبضع وبسائر أجزاء بدنها بمعنى أن الزوج يختص بالاستمتاع بذلك دون سواه وكلا القولين قريب من الآخر لأن الذي قال إن الزوج يملك الذات لا يملك بذلك أنه يملك الذات ملكاً حقيقياً كملك الإماء وإنما أراد أن
الاستمتاع ويختص به دون غيره ولذا عرفوه بأنه عقد على ملك المتعة أي يفيد ملك المتعة ومعنى الملك الاختصاص ويلزم منه حل الاستمتاع طبعاً وعلى كل حال فعقد النكاح خارج أما على الأول فإنه تمليك للذات ظاهراً.
وأما عقد الإجارة فهو تمليك للمنفعة ظاهراً وباطناً وأما على الثاني فإن عقد النكاح ليس تمليكاً لمنفعة البضع ولإنما هو تمليك لالانتفاع وفرق بين الأمرين لأن الذي يملك المنفعة يملك كل ما يجيء منها وهنا ليس كذلك ألا ترى أن المرأة المتزوجة إذا نكحها آخر بشبهة كأن اعتقد أنها خالية من الأزواج فعقد عليها فإن النكاح يكون فاسداً وعليه مهر المثل.
أما الذي ينكح منكوحة الغير وهو يعلم أنه يعلم فإنه يحد وبلزمه مهر المثل أيضاً ولا يأخذه زوجها بل تملكه هي فلو كان الزوج يملك منافع البضع لاستحق مهرها. وهذا بخلاف ما لو عقد أحد على جارية الآخر فإن مهرها الذي يجب لها عنده يملكه سيدها لأنه يملك بضعها ملكاً حقيقياً كما يملك كل منافعه.
وقولهم (معلومة) خرج به الإجارة الفاسدة بسبب الإبهام الموجب للمنازعة كأن لم تتبين مدة الإجارة أو لم تحدد المنفعة التي تحتاج إلى التحديد فإن المعروف وإنما هو الإجارة الصحيحة التي يتعلق بها غرض الشرع. وقولهم (مقصودة من العين المستأجرة) معناه أن منفعة الإجارة
ينبغي أن تكون منفعة معتبرة في نظر الشرع والعقل خرج به ما إذا استأجر شيئاً لغرض غير صحيح في نظر الشرع والعقل كما استأجر فرساً بضعة أيام ليقال إنه راكبي الخيل أو استأجر ثوباً ليوهم الناس أنه من العظماء يلبسه أو استأجر داراً ولم يسكنها ليقال إنه ثري قادر على دفع الإجارة ونحو ذلك من الأمور الصبيانية التي لا تكون لها قيمة في نظر الرجال وإن كانت مقصودة لصغار العقول فالمراد بقولهم مقصودة إنما هو القصد المعتبر في نظر الشرع والعقل لا مجرد القصد فإذا وقع شيء من ذلك كانت الإجارة فاسد ولا يلوم المستأجر أجرتها وإن استعملها.
أما إذا كانت الإجارة فاسدة بسبب الإبهام وكان الغرض من الاستئجار صحيحاً فإن الأجرة تلزم المستأجر بالاستعمال.
وأما ركن الإجارة فهو الإيجاب والقبول لما عرفت كما تقدم أن المراد بالركن ما كان داخلاً في الماهية العقد هي الصفة التي يتحقق بها وما عدا مما تتوقف عليه كالعاقد والمعقود عليه فإنه شرط لتتحقق الماهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>