للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وتنعقد الإجارة بلفظ، وبغير لفظ، وهو المعاطاة، فأما الأول فإنه يشترط فيه أن يكون لفظاً ماضياً من العاقدين بأن يقول أحدهما أجرت هذه الدار أو أجرتها بالقصر والمد، كما تقدم فيقول الآخر قبلت أو استأجرت. هذه الدار فقال له الآخر أجرت وكما تنعقد بلفظ إجارة فإنها كذلك تنعقد بلفظ الهبة والصلح كأن يقول أحدهما وهبتك منافع هذه الدار سنة بكذا أو شهراً فيقول الآخر قبلت. وكذا قال له صالحتك على منفعة هذه الدار سنة بكذا وقال قبلت فإن ذلك يكون إجارة وتنعقد أيضاً بلفظ الإعارة لأن العارية بعوض إجارة فلو قال اعرتك منفعة هذه الدار شهراً بجنيهين فإنها تكون إجارة أما إذا قال له أجرتك منافع هذه الدار شهراً بلا عوض فإنها لا تكون إعارة بل إجارة فاسدة فإذا استعملها بعد ذلك يلزم باجرة مثلها. وأما الثاني وهو المعطاة فإن الإجارة تنعقد به في المدة القصيرة والأجور الصغيرة التي تحدث بين الناس عادة من غير كركوب السفينة ودخول الحمام والحلاقة ونحو ذلك فإنه يجوز أن بقع ذلك بدون عقد إجارة صحيحة وأما المدة الطويلة فإن الإجارة تنعقد فيها بالمعاطاة متى كانت الأجرة من سنة لأخرى فقد ترتفع وقد تنخفض وذلك موجب للنزاع.
ومن أمثلة الإجارة التي تنعقد بدون لفظ أن يسكن أحدهما في دار بأجرة معلومة مدة معينة حتى إذا لنتهت المدة استمر ساكناً وسكت صاحبها واستلم منه بعض الأجرة فإن تنعقد بذلك سنة أخرى ويجب الأجر بدون عقد ومنه المثال الذي تقدم في التعريف.
(وأما أقسامها) فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم يرد على منافع الأعيان كاستئجار الأراضي والدواب والثياب وما أشبه ذلك فغن عقد الإجارة لهذه الأشياء وارد على منفعتها إذ الغرض من تأجير الأراضي الانتفاع بزرعها ومن تأجير الأواني والثياب الانتفاع باستعمالها فالعقد فيها متعلق بمنفعتها.
وقسم يرد على نفس العمل كاستئجار أرباب المهن على الأعمال التي يقومون به من الأعمال. أما المنافع المترتبة على أعمالهم آخر خارج التعاقد.
المالكية - قالوا: الإجارة والكراء معناها واحد إلا أنهم اصطلحوا على تسمية التعاقد على منفعة الأدمي وبعض المنقولات كالأثاث والثياب والأواني ونحو ذلك إجارة وعلى تسمية البعض الآخر وهي السفن والحيوان خاصة كراء مع كونهما من المنقولات. ومثل السفن والحيوان جميع الأشياء الثابتة كالدور والأراضي وغيرهما فإن العقد على منافعها يسمى كراء على أنهم قد يستعملون الكراء في معنى الإجارة وبالعكس في بعض الأحيان.
وعلى كل حال فهم قد عرفوا الإجارة بانها عقد يفيد تمليك منافع شيء معلومة بعوض غير ناشيء عن المنفعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>