للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإما إقتاء المتأخرين بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات فهو للضرورة خوفاً من تعطليها فأجازوا أخذها على التعليم القرآن ونحوه ولم يجيزوه على قراءة القرآن إذ لا ضرورة في القراءة.
ويرد على هذا ما ثبت من جواز أخذ الأجرة على الرقية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: "إن أحل ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" وأجيب بأن الرقية تلاوة فقط بل المقصود منها الطب وأخذ الأجرة على التداوي جائز.
وقد يقال في زماننا أن الناس يتصرفون عن تعليم القرآن إذا لم يجدوا فيه شيئاً يساعدهم على قوتهم فالعلة التي أباحوا من أجلها أخذ الأجرة على التعليم وهي خوف تقليل الحفاظ هي بعينها موجودة في الحفاظ الذين ينفقون الذين ينتفعون من قراءءتهم، وقد يكون للإفتاء بجواز أخذ الأجرة على القراءة من هذه الجهة وجه، ولكن الذي لا يمكن إقراره بحال إنما هو ما اعتاد بعض القراء من فعل ما ينافي التأديب مع كتاب الله تعالى كتلاوته على قارعة الطريق للتسول به وفي الأماكن التي نهىالشرع عنه الجلوس فيها وتلاوته على حالة تنافي الخشية والاتعاظ بآياته الكريمة كما يفعل بعض القراءة من التغني به في مجالس المآتم والولائم التي نهى الشارع عنها لما فيها من المنكرات وتأوه الناس في مجلسه كما يتأوهون في مجالس الغناء والإمعان في هذه الطريقة الممقوتة حتى أن بعض القراء يحرفون كلمه عن مواضعه تبعاً لما يقتضيه نغم وتمشياً مع أهواء الناس وشهواتهم فإن ذلك كله حرام باطل لا يمكن الإقرار عليه بأي حال.
ومن الأشياء التي لا تصح إجازتها الأياء التي تستأجر على خلاف شرائط الإجازة المتقدمة.
ومن ذلك استئجار الشخص بجزء من عمله كأن يستأجر جمالاً لينقل له جرنه ويأخذ باقية في نظير أجره أو يعطي طحاناً إردَبّاً من الحنطة ليطحنه ويأخذ منه كيلة في نظير أجره فإن كل ذلك ممنوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولأن القدرة على تسليم الأجرة شرط في صحة الإجارة وفي هذه الحالة أن يسلم الأجرة لأنه ناطقه بالشيء المعمول فالطحان مثلاً لا يمكنه أن يأخذ أجره إلا من الدقيق الذي ينتج من القمح المطحون وهو لم يوجد بعد فإذا وقعت مثل الإجازة وجب فيها أجر المثل بشرط أن لا تزيد على المسمى بينهما.
والحيلة في جواز مثل ذلك أن يفرز أولاً ويسلمه للمستأجر كأن يخرج الصوف أو القمح الذي يريد أن يدفعه أجراً ثم يسلمه للمستأجر وهذا جائز.
ومن ذلك إجارة ماء الشرب وحده فإنها لا تصح واقعة على استهلاك عين السمك وإجارة المرعى لتأكل غنمه حشيشها فإن كل ذلك فيه استهلاك للعين فلا تنفع إجارته ولكنه يصح أن يستأجر تبعاً لشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>