وأما الأشياء المختلف في جواز استئجارها فمنها إجارة الحمام فإن بعضهم يقول: إن أخذ الحمامي أجرة مكروهة من الرجال والنساء. وبعضهم يقول: إنها مكروهة من النساء دون الرجال والصحيح أنها جائزة بلا كراهة لحاجة الناس إليها وربما كانت حاجة النساء إليها أكثر من لنفاسهن وضعفهن إنما الذي ينبغي النهي عنه هو كشف العورة فيها سواء كان من فيها نساء أم رجال إذ لا يحل للنساء أن ينظرن إلى عورة بعضهن كما لا يحل للرجال على التفصيل المتقدم في مباحث ستر العورة فعلى من يدخل الحمام أن يحتاط في ستر عورته وأن يغض بصره عن النظر إلى عورة غيره وإلا فقد فعل ما لا يحل له فعله سواء أكان ذلك في الحمام أو غيره. ومنها أجرة الحجام فقد قال بعضهم بكراهية لما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث" والصحيح أنها جائزة بلا كراهة لما رواه البخاري من أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ولو كان مكروهاً لم يعطيه والحديث الأول منسوخ بما ورد أن رجلاً "وقال يا رسول الله إن لي عيالاً وغلاماً حجاماً أفاطعم عيالي من كسبه؟ قال: نعم" وأيضاً فإن حديث البخاري مروي عن ابن عباس وحديث النهي رواه في السن عن أبي رافع. ومما لا شك فيه أن ابن عباس أعلم وأضبط وأفقه فيعمل بحديثه على أنه إذا اشترط الحجام أجراً معيناً كره ذلك فيمكن حمل الكراهة على ذلك. ومن ذلك أجرة السمسار والدلال. فإن الأصل فيه عدم الجواز لكنهم أجازوا الناس إليه كدخول الحمام على أن الذي يجوز من ذلك إنما هو أجر المثل. فإذا اتفق شخص مع دلال أو مع سمسار على أن يبيع له أرضاً بمائة جنيه على أن يكون له قرشين في كل جنيه مثلاً فإن ذلك لا ينفذ وإنما الذي ينفذ هو أن يأخذ ذلك الدلال لأجر مثله في هذه الحالة. هذا وتصح إجارة الماشطة لتزيين العروس بشرط أن يذكر العمل أو مدته في العقد. وإذا استأجر شخص عاملاً يمكن تعيين عمله كخياط ليخيط له هذا الثوب بكذا أو خباز ليخبز هذه الأرغفة بكذا أو هذا الإردَبّ فإنه لا يصح له أن يجمع مع هذا التعيين الوقت فيقول خطه اليوم أو غداً أو اخبزه اليوم أو بعد ساعتين فإذا تأخر عن هذا الموعد يكون بأجرة أقل وإنما لا يجوز ذلك لأنه يفضي إلى المنازعة بأن يقول العامل المنفعة المعقودة عليها إنما هي العمل وذكر الوقت للحث على العجيل وحيث قد تم العمل في اليوم أو بعده فإنني استحق عليه الأجر كاملاً ويقول المؤجر كلا بل المنفعة المعقود عليها مقدورة بالوقت فالمعقود عليه هو الوقت وحيث لم توجد قيمة المنفعة فلا تستحق الأجرة كاملة فلذا قبل بفساد العقد. نعم إذا قال على أت تفرغ منه أو تخيطه في اليوم فإن العقد