للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وفي هذه الحالة تعتبر الوديعة مستهلكة بالخلط ويضمها الوديع فيلزم بها ومتى ضمنها اصبح مالكاً لها ولكن لا يباح له التصرف قبل قبل أداء الضمان، ولا سبيل للمالك الأصلي عليها في هذه الحالة وإذا أبرأه المالك الأصلي سقط حقه من العين المودعة والدين.
رابعها: أن يخلطها بغير جنسها لا يعتبر معه التمييز، كخلط الجوز بالوز، وفي هذه الحالة تعتبر قائمة كما هي ولا ينقطع صاحبها عنها.
أما إذا خلط الوديعة بماله أو مال غيره بإذن مالكها، فإن ذلك يكون شركة ملك بينهما. وقد انهارت عرفت أحكام شركة الملك في أول مبحث الشركة، ومثل ذلك ما إذا حصل الخلط قهراً كأن انهارت صبرة قمح الوديعة فاختلطت بغيرها.
ومن الأشياء التي توجب الضمان على الوديع أن يموت ولم يبين الوديعة التي عنده فإذا مات الوديع مجهلاً (لم يبين حال الوديعة) صارت الوديعة ديناً في تركته بشرطين:
الأول: ألا تعرف الوديعة بعينها ولم توجد في تركته بعد موته.
الصثاني: أن لا يكون أحد من ورثته عالماً بها فإذا أخبر الوديع الورثة بها، وسئل قبل موته عنها، فقال: إن فلاناً يعرفها، فلا يضمنها وحل الوارث الذي محل الوديع المتوفي.
وإذا أنكر صاحبها علم الوارث بها وقال: إن الوديع مات، ولم يبين الوديعة لأحد كان على الوارث أن يفسر حال الوديعة، فإذا فسرها فإنه يصدق، وإذا قال الوارث إن الوديع ردها في حياته فإنه لا يصدق إلا بالنية.
أما إذا برهن على أن الوديع قال في حياته: إنه ردها يقبل قوله، وإذا قال الوارث: إن الوديعة كانت معلومة وموجودة يوم موته ثم هلكت بعد ذلك، وقال صاحبها: إنها كانت مجهولة فإنه يصدق قوله لا قول الوارث لأن الوديعة صارت تركة في الظاهر فلا يصدق الورثة إلا بالنية.
ومن الأمور الموجبة لضمان الوديعة على الوديع أن يتعدى الوديع عليها بالتصرف فيها واستعمالها فإذا أودعه دابة فركبها فهلكت كان ضامناً لأنه قد تعدى باستعمالها، أما إذا هلكت من غير استعمال فإنه لا يضمن وإذا استعملها مرة ثم ترك استعمالها فإن كان ينوي العودة إلى استعمالها ثانياً فسرقت كان ضامناً لها.
أما إذا لم ينو استعمالها ثانياً فإن التعدي يكون قد زال فلا ضمان عليه، ومثل ذلك ما إذا أودعه ثوباً فلبسه في النهار، ثم خلعه ليللاً فإن كان ينوي لبسه في النهار ثانياً وسرق الثوب ليلاً كان ضامناً لأن التعدي لا يزال قائماً.
أما إذا لم يكن ينوي لبسه بانهار، وعزم على عدم استعماله، فإن التعدي يكون قد زال فلا ضمان عليه، على أنه يضمن ما نقصته الوديعة بالاستعمال على أي حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>