وحاصله أن القرشيين بعضهم لبعض أكفاء بصرف النظر عن كونه أسلم بنفسه دون أبيه، وهي مسلمة وأبوها مسلم. وبصرف النظر عن الرق والحرية، لأن العرب لا يسترقون غالباً، أما العجم فيعتبر في أنسابهم الإسلام والحرية، ولكن ذلك مقصور على الزوجين وعلى أبيه وحده فقط، فمن كان مسلماً دون أبيه لا يكون كفأ للمسلمة هي وأبوها، ومن كان معتقاً دون أبيه لا يكون كفأ للحرة هي وأبوها، ومما لا يصح الخلاف فيه أن العالم العجمي الفقير كفء للعربي الجاهل الغني وكفء للشريفة العلوية، لأن شرف العلم فوق شرف النسب والغنى، وبذلك جزم المحقق ابن الهمام، وصحاب النهر وغيرها. وهو الصواب. وأما الكفاءة في الحرفة فهي أن تكون حرفة أهل الزوج مكافئة لحرفة أهل الزوجة بحسب العرف والعادة، فإذا كانت حرفة الخياطة مثلاً أرقى من حرفة الحياكة بين الناس لم يكن الحائك كفأ لبنت الخياط وإلا فالعكس. فالمدار على احترام الحرفة بين الناس. أما الكفاءة من جهة المال فقد اختلفوا فيها، فقال بعضهم: إنه يشترط أن يساويها في الغنى، وقال بعضهم: إنه يكفي أن يكون قادراً على دفع ما تعارفوا على تعجيله من مهر مثلها، فلا يلزم أن يكون قادراً على دفع الكل المعجل والمؤجل، وأن يكون معه نفقة شهر إن لم يكن محترفاً، وإن لا فإن كان يكتسب كل يوم كفايتها فإنه يكون كفأ لها في باب المال، والثاني هو ظاهر الرواية، وهو الصحيح، ولكن ينبغي أن ينظر إلى أن الحنفية لم يشترطوا الولي في المرأة اعتماداً على للولي حق التفريق إذا اختارت المرأة من لا يدانيها، فإذا فرضنا وكانت البيئة تعتبر الذي لا يملك إلا المهر ونفقة شهر ضائعاً لا قيمة له بالنسبة للمرأة الثرية لم لا اعتبار الكفاءة في المال معنى، فينبغي أن ينظر القاضي إلى المصالح الدينية نظراً جدياً وأن يقضي بما يرفع الفساد، وحينئذ لا باس أن يعمل بالرأي الأول مادامت المصلحة متعينة في العمل به، على أننا في زماننا هذا نرى الكفاءة تكاد تكون منحصرة عند الناس في باب المال، فإنه هو الذي يستطيع به الزوج أن يحفظ كرامة المرأة وكرامة أسرتها ويمنعها من التبذل والتعرض لما لا يليق بها. ويعجبني ما قاله الأستاذ مرعي الحنبلي رحمه الله: قالوا: الكفاءة ستة، فأجبتهم: * قد كان هذا في الزمان المبهم