للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أما بنو هذا الزمان فإنهم * لا يعرفون سوى يسار الدرهم
فالقول الأول وإن لم يصححوه ولكنه ينبغي أن يراعى في زماننا هذا.
وأما الكفاءة في الديانة فإنها تعتبر في العجم والعرب، فإذا كان فاسقاً لا يكون كفأ لصالحة بنت صالح، وإذا كانت صالحة وأبوها فاسق وزوجت نفسها من فاسق فإنه يصح، وليس لأبيها حق الاعتراض لأنه فاسق مثله، وكذا إذا كانت فاسق وأبوها صالح فزوجت نفسها من فاسق فإنه يصح، وليس لأبيها حق الاعتراض أيضاً، لأن العار الذي يلحقه ببنته أكثر من العار الذي يلحقه بصهره.
وإذا زوج الصغيرة لرجل يظنه صالحاً فتبين أنه فاسق وأبوها صالح فإن لها أن تفسخ العقد بعد البلوغ، والمراد بالفاسق المجاهر بالفسق، كالذي يسكر على قارعة الطريق، أو يذهب إلى أماكن البغاء ومواخير الفساد وأندية القمار علناً، أو يجاهر بأنه يفعل ذلك، ومن هؤلاء الشبان الذين يتركون الصلاة ويعلنون أنهم لا يصلون ولا يصومون، فإن هؤلاء ليسوا أكفاء للصالحات وبنات الصالحين، فإذا تزوجت واحداً من هؤلاء كان للولي الاعتراض وفسخ العقد.
وللولي الاعتراض إذا تزوجت بأقل من مهر المثل، ولكن العقد مع ذلك صحيح باتفاق، إنما يقول القاضي: أما أن تكمل لها مهر المثل وإما يفسخ العقد.
أما الجواب عن الثاني فإن الكفاءة شرط لنفاذ العقد ولزومه على الولي، فإذا زوجت المرأة نفسها لمن هو دونها في أمر من الأمور الستة المذكورة كان لوليها حق الاعتراض على العقد، فلا ينفذ حتى يرضى، أو يفسخه القاضي.
وأما الجواب عن الثالث فهو أن الكفاءة في الأمور المذكورة من حق الولي بشرط أن يكون عصبة، ولو كان غير محرم، كأن كان ابن عم يحل له زواجها، أما ذوو الأرحام، والأم، والقاضي فليس لهم حق في الكفاءة، ثم إذا سكت الولي عن الاعتراض حتى ولدت المرأة فإن حقه يسقط في الكفاءة، فإذا لم يعلم بالزواج حتى ولدت فالظاهر أن حقه يسقط، لأن الولادة قد أحدثت بينهما روابط تنسى معها الاعتبارات الأخرى، وأيضاً فإن للولد حقاً في الكرمة، فلا ينبغي أن يسجل عليه عار أبيه، والقواعد دائماً تقضي بمراعاة الولد خوفاً عليه من الضياع، فإذا اعترض الولي وفسخ القاضي النكاح فعادت المرأة وزوجت نفسها من غير الكفء ثانياً عاد حق الولي في الاعتراض وفسخ القاضي النكاح ثانياً، كما إذا زوجها الولي من غير كفء بإذنها فطلقها زوجها ثم زوجت نفسها منه ثانياً كان للولي حق الاعتراض ولا يكون رضاه بالزواج الأول حجة عليه في الثاني الذي لم يرض به، فإذا طلقها زوجها غير الكفء الذي رضي به الولي في الأول طلاقاً رجعياً ثم راجعها في العدة لم يكن للولي حق الاعتراض لأن العقد الأول لم يتجدد.
وبعضهم يقول إن الكفاءة شرط في صحة العقد، فيقع العقد باطلاً من أول الأمر إذا تزوجت

<<  <  ج: ص:  >  >>