للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


بمجرد العقد عليها بشرط أن يكون صحيحاً، فإذا عقد على البنت عقداً فاسداً ولم يدخل بها لم تحرم أمها نعم إذا وطئها بعد ذلك العقد الفاسد حرمت أمها بالوطء ولو في الدبر.
ومثل ذلك زوجة الأب، فإنها تحرم بمجرد العقد، فيشترط في تحريمها بمجرد العقد أن يكون العقد صحيحاً، أما إذا دخل عليها ووطئها فإنها تحرم بالوطء ولو كان العقد فاسداً وكذا زوجة الابن فإنها تحرم بمجرد العقد، فيشترط أن يكون صحيحاً على الوجه المتقدم.
ومن هذا تعلم أن الذي يقع به التحريم شيئان: إما العقد الصحيح وإما الوطء سواء كان بعقد صحيح أو فاسد، أو كان وطئها بشبهة ولو في دبر المرأة، ومثل الوطء استدخال مائه المحترم، ومعنى هذا أنه إذا جامع امرأة بعقد صحيح ثم أنزل فيها كان ماؤه محترماً، أي لم يكن حاصلاً من زنا، فإذا فرض وساحقت امرأته امرأة أخرى وأنزلت فيها هذا الماء وحملت منه كان ابنه، فإذا أنزلته في زوجة له لم يدخل بها حرمت عليه بنتها لأنه يعتبر دخولاً. أما الزنا فإنه لا يوجب حرمة المصاهرة على أي حال، لأنها نعمة من الله لا يصح زوالها بذلك الفعل المحرم، وكما لا يحرم الزنا لا يحرم المس ولا النظر بشهوة على أي حال.
ومثال الوطء بشبهة أن يجامع امرأة يظنها امرأته وهي ليست كذلك، ويقال لهذه الشبهة: شبهة الفاعل. ولا يوصف الفعل الواقع بها بحل ولا حرمة ويثبت بوطء الشبهة النسب وتلزم به العدة.
هذا، ويجوز للرجل أن يتزوج بنته المخلوقة من مائه زنا، فإذا زنا بامرأة وحملت منه سفاحاً وجاءت ببنت فإنها لا تحرم عليه لأن ماء الزنا لا حرمة له، وكما تحل له تحل لأصوله وفروعه، ولكن يكره له نكاحها بخلاف الأم الزانية فإنها كسائر الأمهات في الحرمة على أبنائهن، لأن نسبه ثابت منها ويتوارثان.
المالكية - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالعقد الفاسد، والعقد الفاسد نوعان: مجمع على فساده، وغير مجمع على فساده في المذاهب الأخرى، وهذا لا ينشر الحرمة إلا بالوطء ومقدماته، وذلك كنكاح امرأة معتدة، وهو غير عالم، أو نكاح أخته رضاعاً بدون علمه، فإن النكاح فاسد بالإجماع، ويدرأ الحد عن الفاعل لأن فيه شبهة. وهذا العقد لا يحرم إلا بالوطء أو مقدماته أما العقد الذي لم يجمع على فساده بأن قال به بعض العلماء ولو في مذهب غير مذهب المالكية، كنكاح المحرم بالنسك فإنه صحيح عند الحنفية، فاسد عند المالكية، وكذلك نكاح المرأة نفسها بدون ولي ونحوه فإنه ينشر حرمة المصاهرة كالصحيح.
ومن الفاسد النكاح الموقوف على إجازة الغير، فإذا زوج الرجل ابنه العاقل البالغ بغير إذنه وهو غائب فلم يرض الابن بالزواج ورد النكاح كان هذا من القسم الثاني، فيحرم به ما يحرم بالعقد الصحيح، ولا يشترط أن يكون العقد بين كبيرين بل يحرم العقد على الصغيرة للصغير.
أما الزنا فإن المعتمد أنه لا ينشر الحرمة، فمن زنى بامرأة فإن له أن يتزوج بأصولها وفروعها

<<  <  ج: ص:  >  >>