وبعضهم يقول: إن المتخلقة من ماء الزنا لا تحرم - كما يقول الشافعية - لأنها لم تعتبر بنتاً بدليل أنه لا توارث بينهما، ولا يجوز له الخلوة بها، وليس له إجبارها على النكاح باتفاقهم فكيف تعتبر بنتاً محرمة وكيف يكون لبن أمها محرماً؟ وهذا القول وجيه وإن لم يكن معتمداً، ومثل بنت الزنا ابن الزنا، فإذا جاءت منه بولد حرم عليه أصول أبيه وفروعه، وتجوز المخلوقة من ماء زنى الأخ لأخيه، وإذا زنى بها وهي حامل، فقيل: لا تحرم، وقيل: تحرم لأنه سقاها بمائه ولكن المشهور أنها لا تحرم. هذا، ولا يشترط في الدخول بالأمهات الوطء، بل يكفي التلذذ بها ولو بعد موتها، ويتحقق التلذذ بالنظر إلى داخل جسمها إن وجدت اللذة وإن لم يقصدها، أما إن قصد ولم يجد فلا تلذذ، فمن عقد على امرأة ولو عقداً فاسداً وتلذذ على هذا الوجه حرمت عليه بنتها وبنت بنت بنتها وإن سفلت كما حرمت عليه أصولها. ولا يحرم النظر إلى وجهها ويديها: وإنما يحرم تقبيل الوجه أو اليد أو الفم أو لمسها بشهوة. الحنابلة - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالعقد الفاسد، فإن العقد الفاسد عندهم تثبت به أحكام النكاح ما عدا الحل، والإحصان، والإرث، وتصنيف الصداق بالفرقة قبل المسيس، فلا يترتب على النكاح الفاسد حل وطء المرأة المعقود عليها. ولا إحلالها لمطلقها ثلاثاً. ولا توصف بالإحصان كما لا يوصف الزوج به ولا يتوارثان به، وإذا طلقها قبل الدخول والمسيس لا تستحق نصف الصداق، أما ما عدا ذلك من نشر حرمة المصاهرة وغيرها فإنها تثبت به. وهذا هو ظاهر المذهب. وبعضهم يقول: لا تثبت حرمة المصاهرة. والمحرمات بالعقد سواء كان صحيحاً أو فاسداً: زوجة الأب وإن علا. وزوجة الابن وإن سفل وأم زوجته من نسب أو رضاع وإن علت كما هو مبين في أسفل صحيفة ٦١. وأما الوطء المحرم لغير من ذكرن فيشترط فيه أن يكون وطأً في فرج أصلي، أما فرج الخنثى والفرج غير الأصلي، إن فرض وجود فرجين للمرأة فإنه لا يحرم، أو يكون في دبر سواء كان الموطوء أنثى أو رجلاً أو أمة، فلا تحل للائط والملوط به أم الآخر ولا بنته، فهو ينشر الحرمة كوطء المرأة بلا فرق، وهذا هو المنصوص، ولكن قال في شرح المقنع: الصحيح أن اللواط لا ينشر الحرمة لأن النصوص عليه في آية التحريم إنما هو البنت لا الولد، فتدخل أم الملوط أو اللائط في عموم قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} . ويشترط أن يكون الفاعل ابن عشر سنين، وأن يغيب حشفة ذكره في الفرج الحقيقي أو الدبر، وأن تكون الموطوءة بنت تسع سنين، فإن كانا أقل من ذلك فلا تثبت به حرمة المصاهرة، فإذا