للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


واحداً ويعتبر حال المرأة وقت الوطء الأول، فإن وطئها وهي جميلة - لها مهر كثير - ثم وطئها ثانياً بنفس الشبهة الأولى بعد أن عرض لها ما فقدت به شيئاً من جمالها تستحق المهر على الحالة الأولى.
الحنفية - قالوا: الوطء بشبهة يجب فيه مهر المثل، والقاعدة عند الحنفية أن كل وطء في دار الإسلام بغير ملك يمين، إما أن يوجب - المهر أو الحد ثمان مسائل:
إحداها: الصبي إذا نكح بدون إذن وطاوعته، فإنه لا مهر عليه، ولا حد بوطئها.
ثانيها: شخص يملك أمة فباعها بيعاً صحيحاً، ثم وطئها قبل أن يسلمها للمشتري فلا حد عليه ولا مهر لها، ولكن للمشتري أن ينقص من ثمنها ما قابل البكارة إن كانت بكراً وإلا فلا.
ثالثها: إذا تزوجت ذمية ذمياً بغير مهر، ثم أسلما، فلا حق لها في مطالبته بعد الإسلام متى كانت شريعتهما لا مهر فيها من قبل الإسلام.
رابعها: السيد إذا تزوج أمته من عبده، فلا مهر لها على الأصح.
خامسها: العبد إذا وطئ سيدته بشبهة، فلا مهر لها، ولا حد.
سادسها: إذا وطئ حربية.
سابعها: إذا وطئ شخص جارية موقوفة عليه فإنه لا مهر عليه ولا حد.
ثامنها: إذا وطئ الجارية المرهونة بإذن الراهن، ظاناً حلها فلا حد عليه، ولا مهر لها، على أن المراد بمهر المثل عندهم في الوطء بشبهة هو ما يسمونه عقراً، وقد فسره بعضهم بأنه قدر ما يستأجر به مثلها للزنا لو جاز، ولكن الصحيح أن العقر هو مهر المثل بالنسبة للجمال فقط، فتعطى مهر الجميلة، بصرف النظر عن حسبها أو مالها، والشبهة التي تسقط الحد هي ما يشبه الشيء الثابت مع كونه غير ثابت في الواقع ونفس الأمر، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: شبهة المحل، وهي التي نشأت عن دليل موجب للحل في المحل، ولكن عرض مانع يمنع الحل فوجود الدليل أوجد شبهة في حل المحل يعني الموطوءة، ولو علم ذلك العارض الذي منع الحل، مثال ذلك أن يطأ الرجل أمة ولد ولده وإن سفل، بناء على حديث "أنت ومالك لأبيك" فظاهر هذا الحديث يفيد أن اللام للملك، ومعنى ذلك أن الولد وما يملكه من مال مملوك لأبيه، فأمة الابن مملوكة للأب، ولكن هذا الظاهر من الحديث عارضه الإجماع، على أن اللام فيه ليست للملك، بل معنى "أنت ومالك لأبيك" منسوب لأبيك.
فهو الأصل الذي يترتب عليه وجودك، فأحرزت هذا المال فلا تضيق عليه، ولكن مع هذا شبهة الحل لا تزال قائمة عملاً باللام في قوله: "لأبيك"، وكما تسمى هذه الشبهة بشبهة المحل كذلك تسمى شبهة الملك وتسمى شبهة حكيمة، أعني التي ثبتت فيها شبهة حكم الشرع بحل المحل، ومن ذلك ما إذا طلق امرأته بلفظ الكنايات، كقوله: أنت بائن، أو بتة أو خالصة، أو نحو ذلك، فبانت منه ثم وطئها وهي في العدة فإنه لا يحد بذلك، ووجب عليه الصداق، وذلك لشبهة الدليل وهو قول عمر رضي الله عنه: الكنايات رواجع، وهذا رأي بعض الأئمة، أما عندنا فقد قام الدليل على أن الكنايات يقع بها بائناً،

<<  <  ج: ص:  >  >>