للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فيحرم وطؤها في العدة إلا إذا عقد عليها عقداً جديداً، ولكن لا حد عليه ولو كان عالماً بالتحريم عند الحنفية لقيام الشبهة التي أحدثها الدليل في المحل. ومن ذلك ما إذا باع جاريته بيعاً صحيحاً ثم وطئها قبل أن يقبضها المشتري فإن ذلك يرفع الحد كما تقدم، أما إذا وطئها بعد القبض فإنه يحد، أما إذا باعها بيعاً فاسداً ووطئها قبل القبض لم يكن مما نحن فيه، لأنها لم تخرج عن ملكه بالبيع الفاسد، وإذا وطئها بعد القبض كان له شبهة في الملك، لأن له حق الفسخ فيعود له ملكها، على أنه يثبت لها بالوطء بعد القبض مهر المثل، لأن المبيع بيعاً فاسداً يملك بالقبض ومن ذلك ما إذا وطئ امرأته بعد ردتها فإن بعض علماء الحنفية أفتوا بعدم الفرقة بردة المرأة، فإذا جاءت الردة من قبلها لا يفسخ النكاح فوطؤها في هذه الحالة ليس بحرام، وكذا إذا طاوعت زوجة الرجل ابنه فزنى بها فإنها تحرم على أبيه عندنا، ولكن إذا وطئها أبوه بعد ذلك فإن شبهة الحل قائمة بها فلا يحد، وذلك لأن الشافعي قال: إن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة، وهذا النوع يسميه الشافعية شبهة الطريق، أي الشبهة التي أوجدها الدليل في المحل.
ومنه ما إذا وطئ الرجل أم زوجته، فإن زوجته تحرم عليه عند الحنفية، ولكن إذا وطئ زوجته بعد ذلك فإنه لا يحد، لأن الأمام الشافعي قال: إن الزنا بالأمهات لا يوجب الحرمة. القسم الثاني: شبهة الفعل، وتسمى شبهة اشتباه، بمعنى أنها تعتبر شبهة في حق من حصل عنده اشتباه بأن ظن حل الفعل، مثال ذلك أن يطأ الشخص أمة أبيه. أو أمه ظناً منه أن ذلك جائز، أو يطأ امرأته التي طلقها ثلاثاً وهي في العدة ظاناً أن ذلك جائز، ويكفي في ذلك أن يدعيا الظن، أما إذا أقرا بأنهما يعلمان بالتحريم فإنهما يحدان.
هذا، وإذا طلقها بلفظ الكناية ونوى بذلك الطلاق الثلاث ثم وطئها في العدة فإنه لا يحد ولو كان عالماً بالتحريم ومثل الطلاق الثلاث الطلاق البائن، كما إذ طلقها بالخلع على مال ثم وطئها في العدة فإن كان عالماً بالتحريم فإنه يحد وإلا فلا. في الأول يكون له شبهة اشتباه في حل الفعل
الثالثة: شبهة العقد، فإذا عقد على محرم من محارمه ووطئها وكان غير عالم بالتحريم فإنه لا يحد لأن العقد أحدث عنده شبهة وهذا باتفاق. أما إذا كان عالماً بالتحريم فإنه يحد عندهما لا عنده، ولكن مع هذا يثبت بها النسب، ولا فرق بين أن تكون من المحارم نسباً أو رضاعاً أو مصاهرة، فلو تزوج أخته من الرضاع ظاناً حل ذلك ووطئها لا حد، ويثبت بوطئه النسب ولها الأقل من المسمى، ومهر المثل كما تقدم، أما إذا عقد على من لا تحل له بسبب آخر ووطئها كأن عقد على معتدة للغير ووطئها، أو وطئ من طلقها ثلاثاً بدون محلل، أو تزوج خمساً في عقد واحد فوطئهن، أو جمع بين أختين في عقد فوطئهما، أو عقد على أختين بعقدين متعاقبين، ثم وطئ الأخيرة التي يثبت بطلان عقدها فإنه لا حد في كل ذلك بالاتفاق، ولو كان عالماً بالتحريم، ولكن يعاقب عقوبة شديدة.
فالخلاف بين أبي حنيفة، وصاحبيه في العقد على المحارم ووطئهن، فهما يقولان: إن علم بالحرمة حد وإلا فلا، وهو يقول: لا يحد مطلقاً لا فرق بين المحارم وغيرهن ومدار الخلاف أن المحارم تصلح لأن تكون محلاً للعقد أو لا؟ الإمام يقول: إن المرأة في ذاتها صالحة ليعقد عليها ما دامت

<<  <  ج: ص:  >  >>