وهذه الأحكام إنما هي للمؤمنين الذين يعملون بدينهم، فإذا أهمل أحدهما دينه كان هو الملوم، وكان من اللازم المحتم أن تنظر إلى قدسية علاقة الزوجية واحترامها ومتى وقعت على أي حال ومع ذلك فإذا فرض أن زوجين عاشاً معاً في أول أمرهما سليمين ورزقا بأولاد ثم نزلت بأحدهما مصيبة مرض أو عيب كهذا فهل من المعقول أن يفارقه السليم رغم أنفه؟! أظن أن الجواب: لا، وما ذلك إلا لاحترام علاقة الزوجية، وهي حاصلة بالعقد لا محالة. ولولا أن الجب - قطع عضو التناسل - والعنة والخصاء تتنافى معها الزوجية، لأن المجبوب، والعين والخصي كالمرأة - والمرأة لا تتزوج المرأة - لولا ذلك لما جاز طلب فسخ عقد الزواج بحال. فإن قلت: إن هذا يستلزم أن لا يفارق الزوج زوجته بالطلاق أيضاً، والجواب: أن الطلاق قد شرع في الإسلام لأعراض اجتماعية هامة ضرورية، وقد يكون واجباً كما إذا قام بين الزوجيين شقاق تقطعت به علائق الزوجية وحلت محلها الكراهية والنفر ولم يتمكن المصلحون من إزالتها، فإن الدواء لمثل هذه الحالة الطلاق، وإلا انقلبت الزوجية إلى عكس الغرض المطلوب، فإنها ما شرعت إلا للجمع بين صديقين تنشأ بينهما مودة ورحمة لا للجمع بين عدوين لا يستطيع أحدهما أن ينظر إلى الآخر، وسيأتي بيان حكمة مشروعية الطلاق في بابه منفصلة. ومن هذا يتضح أن الشارع لم يجعل الفرقة بين الزوجين مبنية على العيب، أو المرض، لأنهما يوجبان الشفقة والرحمة لا الفرقة والقسوة، وجعل للرجل حق الطلاق ليستعمله عند الضرورة، فإذا أساء استعماله كان آثماً يستحق عقاب الله في الدنيا والآخرة، فالفرق بين الحالتين واضح لا يخفى. المالكية - قالوا: العيوب التي يفسخ بها النكاح ثلاثة عشر عيباً، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: عيوب مشتركة بين الزوجين بمعنى أنها قد توجب في الرجل. وقد توجد في