للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


المرأة. وقد توجد فيهما معاً، وهي أربعة: الجنون، والجذام، والبرص، والخراءة عند الوطء، وتسمى - عذيطة - بفتح العين وسكون الذال، فمتى وجد عيب من هذه العيوب في أحد الزوجين كان للآخر أن يطلب مفارقته بفسخ النكاح، ولو كان معيباً مثله، لأن الإنسان يكره من غيره ما لا يكسره من نفسه، فأما الجنون فإنه يثبت به الخيار للرجل والمرأة لأنه مشترك كما ذكرنا، وله ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يحدث قبل الدخول. الثانية: أن يحدث بعد العقد وقبل الدخول. الثالثة: أن يحدث بعد الدخول. فإن حدث قبل العقد في الزوجة ولم يعلم به الزوج أو العكس، فلكل من الزوجين أن يرد به الآخر قبل الدخول وبعده، بشرط أن يقع من صاحبه ضرر كضرب أو إفساد مال، أما إذا كان يتخبط ويفيق، كالمصروع، فإنه لا يرد به، وإن حدث الجنون بعد العقد، فإن كان الجنون قد عرض للزوج فإن الخيار يثبت للزوجة، فلها الحق في فسخ النكاح إما إن كان قد عرض للزوجة فلا يثبت الخيار للزوج، سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده، وهذا هو المعتمد، ولعل أن المرأة مستضعفة بطبيعها وإنها رهينة المنزل، فيمكن اتقاء الضرر الذي يترتب على جنونها، ويمكن الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة بخلاف الزوج، على أن الزوج بيده عقد النكاح فيمكنه أن يطلق عند عدم تمكنه من دفع ضررها، وبعضهم يقول: إنه لا فرق في ذلك بين الزوج والزوجة، فالجنون العارض بعد العقد يجعل الخيار لكل من الزوجين قبل الدخول وبعده، وبعضهم يقول: إن حدث قبل الدخول كان للمرأة الرد دون الرجل، وإن حصل بعد الدخول ليس لها الرد كالرجل، وقيل: لا يرد بالجنون الحاصل بعد العقد مطلقاً سواء عرض للرجل أو للمرأة فالأقوال أربعة، والمعتمد منها واحد، كما عرفت.
وأما الجذام فإنه يثبت به الخيار للزوجة، سواء وجد في الرجل قبل العقد. أو بعده، سواء كان قليلاً أو كثيراً بشرط أن يكون محققاً، أما إذا كان مشكوكاً في أنه جذام، أو لا. فإنه لا يرد به اتفاقاً أما الرجل فله حق الفسخ إن كان موجوداً في المرأة قبل العقد أو عند العقد، سواء كان قليلاً أو كثيراً، ولا حق له في الفسخ بالجذام الحادث بعد العقد مطلقاً، كما لا حق لأحدهما في الفسخ بالجذام القائم بأصولهما كالأب، والجد والأم خوفاً من وصول الداء بطريق الوراثة لأن ذلك غير مستيقن، فلا عبرة به.
أما البرص، وهو الداء المعروف، سواء كان أبيض. أو أسود. فغن كان قبل العقد، وكان كثيراً، فإنه يجعل لكل من الزوجين الخيار في الفسخ، أما إذا كان يسيراً فترد به المرأة باتفاق، وفي رد الرجل باليسير من البرص قولان، هذا إذا حدث قبل العقد، أما إذا حدث بعد العقد فإن كان يسيراً، فلا رد به لأحدهما، سواء وجد في الزوج أو الزوجة، وإن كان كثيراً وكان في الرجل كان للمرأة الحق في الفسخ، وإن كان في المرأة فليس للرجل حق الفسخ على المذهب، وذلك لأن الرجل بيده الطلاق، فإن تضرر منها فارقها بالطلاق، والفرق بين حدوثه بعد العقد وقبله ظاهر، لأن المفروض قبل العقد

<<  <  ج: ص:  >  >>