للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهلة فاسدي الأخلاق الذين لا يعرفون من الإسلام إلا أنهم مسلمون فحسب، وإنما شرعت للمسلمين حقاً الذين يستمعون قول الله وقول رسوله فيعملون به، فلا ينطقون بالطلاق إلا لحاجة تقتضيه، أما هؤلاء المستهترون الذين لا يبالون بأمر الله ولا ينفذون قول رسول الله، فإن الله لا يعبأ بهم.

وإذا كان الطلاق ملكاً للرجل وحده كان من حقه أن ينيب عنه غيره، سواء كان النائب زوجته أو غيرها، وفي ذلك تفصيل المذاهب (١) .


(١) (الحنفية - قالوا: للرجل أن ينيب عنه امرأته في تطليق نفسها منه. كما له أن ينيب عنه غيرها، في الطلاق على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: الرسالة، وهو أن يرسل لها رسولاً يخبرها بأن زوجها يقول لها: اختاري، فالرسول ينقل عبارة الزوج إلى المرأة، فلم ينشئ عبارة من نفسه، فإذا نقل لها الرسول ذلك واختارت نفسها بالشرائط الآتية طلقت منه.
الوجه الثاني: التوكيل، وهو أن يقيم الزوج غيره مقام نفسه في تطليق امرأته، سواء كانت المرأة نفسها. أو غيرها إلا أن المرأة لا يمكن أن تكون وكيله، لأن الوكيل يعمل عملاً للغير، أما المرأة، فإنها تطلق نفسها فلا يعمل لغيرها، وعلى هذا يكون توكيلها تفويضاً، ولو صرح بالتوكيل كما سيأتي توضيحه قريباً، والفرق بين الرسول والوكيل أن الرسول ينقل عبارة الزوج ولا ينشئ عبارة من نفسه، أما الوكيل فإنه يعبر بعبارته فلم ينقل عبارة موكله.
الوجه الثالث: التفويض، وهو تمليك الغير الطلاق، ويفرق بين الوكالة والتفويض، بأن المفوض مالك يعمل بمشيئته، بخلاف الوكيل فإنه يعمل لمشيئته موكله، ويختلف كل من التوكيل والتفويض في عدة أحكام، منها أن الزوج المفوض لا يملك الرجوع بعد التفويض فإذا قال لامرأته: طلقي نفسك فإنها تملك الطلاق بمجرد قوله هذا، ولو لم تقل: قبلت، وليس له أن يقول: قد رجعت أو قد عزلتك بخلاف التوكيل، فإن له أن يعزل وكيله، فإذا قال لشخص أجنبي: طلق امرأتي فإن له أن يقول بعد ذلك: عزلتك، لأن هذه العبارة توكيل، وله أن يبطل توكيله بوطء زوجته، ومنها أن التفويض لا يبطل بجنون الزوج، بخلاف التوكيل، ومنها أنه لا يشترط في المفوض إليه أن يكون عاقلاً، فإذا فوض لامرأته المجنونة أو فوض لصغير لا يعقل وطلق امرأته أو طلقت نفسها وقع الطلاق بخلاف الوكيل فإنه يشترط فيه أن يكون عاقلاً من أول الأمر، والفرق بين الحالتين أنه في الحالة الأولى قد ملك الزوج الطلاق الذي له إيقاعه للمجنون، فالمجنون أوقع ما أعطاه إياه، نعم إذا فوض الطلاق إلى عاقل ثم جن فإن التفويض يبطل، لأنه ملكه وهو عاقل، ومنها أن التفويض يتقيد بالمجلس، فإذا قام المفوض إليه من المجلس قبل أن يطلق أو يختار بطل التفويض، كما سيأتي قريباً.
ثم إن التفويض ينقسم إلى قسمين: صريح، وكناية، وألفاظ الصريح، كأن يقول لزوجته: طلقي

<<  <  ج: ص:  >  >>