ومن هذا يتبين أن ألفاظ التفويض ثلاثة: أحدها الصريح، سواء كان مقيداً بالمشيئة أو لا. ثانيها: اختاري. ثالثها: أمرك بيدك، وهما كناية لا يقع بهما الطلاق إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن ينوي الزوج بها الطلاق. ثانيها: أن تنوي الزوجة كذلك. ثالثها: أن تضيف الطلاق إلى نفسها وإلى زوجها، كما تقدم في مبحث إضافة الطلاق، على أن دعوى عدم النية لا تسمع من الزوج قضاء إذا كانا في حالة غضب، أو حالة مذاكرة الطلاق، ولكن ينفعه ذلك بينه وبين الله. ويشترط لصحة التفويض بألفاظه الثلاثة أن لا يقع التطليق به في المجلس، فإذا شافهها بقوله: طلقي نفسك لزمها أن تطلق نفسها في المجلس الذي شافهها وهي جالسة فيه وكذا إذا علمت بأنه فوض إليها الطلاق وهي غائبة، فإنها يلزمها أن تطلق نفسها في المجلس الذي علمت فيه بحيث لو انتقلت منه يبطل التفويض، ومثل ذلك ما إذا فوض إلى غير الزوجة فإنه يلزمه أن تطلق في المجلس. ولا يشترط أن تطلق نفسها فوراً، بل لو مكثت في مكانها يوماً أو أكثر بدون أن تتحول منه فإن لها ذلك، وكذا لا يشترط حضور الزوج المفوض، إنما الشرط أن لا تتحول عن مكانها الموجودة فيه، وأن لا تعمل عملاً يدل على الاعراض عن تطليق نفسها. فإن تحولت عن المجلس بالانتقال إلى مكان آخر بطل التفويض، وكذا إن عملت عملاً يدل على الانصراف عن ذلك، وإن لم تتحول من مكانها وذلك كما إذا كانت جالسة فقامت، أو تكلمت بكلام أجنبي يدل على انصرافها عن الموضوع، أو شرعت في خياطة ثوبها مثلاً، أو عملت عملاً يفيد الإعراض، أما إذا عملت عملاً لا يدل على الإعراض والانصراف، كأن لبست ثوباً، أو شربت ماء، أو كانت قائمة فجلست، أو كانت قاعدة فاتكأت، أو نامت وهي قاعدة أو استدعت والدها للمشورة، أو استدعت الشهود فإن كل ذلك لا يبطل به التفويض، لأنه لا يدل على إعراضها. وإذا كانت في سفينة جارية وفوض لها طلاقها فإن انتقال السفينة من مكانها لا يضرها لأنها كالمنزل بالنسبة لها، إنما الذي يبطل تفويضها أن تقوم هي من مكانها أو تعمل ما يدل على الإعراض وإذا كانت راكبة دابة سائرة فأوقفتها فإنه لا يضر، وإذا كانت واقفة فسيرتها فإنه يضر، لأنها سارت