للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ضربه الشارع، كما بيناه، ومعنى كون المرأة تنتظر في هذه المدة، أي تنتظر نهايتها حتى يحل لها التزوج والزينة، أما فيها فلا، وباقي التعريف ظاهر، ولكن يرد عليه ثلاثة أمور:
أحدها: أنه لا يشمل عدة المطلقة رجعياً، لأنه قال: إن الانتظار لا يلزمها إلا بعد زوال النكاح ونكاح المطلقة رجعياً لا يزول بالطلاق الرجعي.
ثانيها: أنه قال: أن الانتظار يلزم المرأة، وهذا يخرج عدة الصغيرة، لأنها ليست أهلاً للالتزام.
ثالثها: أنه لا يشمل عدة الأمة، لأنه قال: يلزم المرأة بعد وال النكاح، فالتعريف الأول أوضح وأشمل، ولا يخفى أن التعريف الأول لا يشمل منع الرجل من تزوج المرأة بسبب حتى يزول ذلك السبب، لأن هذا المنع ليس أجلاً مضروباً لانقضاء ما بقي من آثار النكاح بالنسبة للرجل وإنما هو بالنسبة للمرأة، مثلاً إذا كان متزوجاً بامرأة وطلقها، وأراد أن يتزوج بأختها فإنه يمنع من ذلك حتى تنقضي عدة أختها المطلقة، فهذه المدة لا تسمى عدة بالنسبة للرجل، وإنما هي عدة المرأة، وإنما منع الرجل كي تهدأ غيرة المطلقة وتيأس منه، فلا تحقده على أختها كل الحقد، ألا ترى أنها إذا ماتت فله أن يتزوج بأختها بدون انتظار، وكذا إذا ارتدت وذهبت إلى دار الحرب فإن له أن يتزوج بأختها بدون عدة، كما لو ماتت، أما التعريف الثاني فإنه قد نص على أن العدة خاصة بالمرأة حيث ذكر أن انتظار المدة يلزم المرأة لا الرجل، وعلى هذا يكون انتظار الرجل انقضاء مدة بدون تزوج ليس عدة شرعية، ثم انتظار الرجل تارة يكون محدوداً بعدة المرأة وتارة يكون بسبب آخر، فالأول أن يريد التزوج بأخت امرأته المطلقة، كما ذكرنا، ومثلها عمتها وخالتها، وبنت أخيها، وبنت أختها فإنه لا يحل أن يتزوج واحدة منهن حتى تنقضي عدة زوجته المطلقة وكذا إذا كان متزوجاً أربعاً وطلق واحدة منهن فإنه لا يحل له أن يتزوج خامسة إلا إذا انقضت عدة الرابعة المطلقة، ولا فرق بين أن يكون قد وطئ الرابعة بنكاح صحيح ثم طلقها، أو وطئها بنكاح فاسد، أو بشبهة وفرق بينهما، فإنها تعتد على كل حال، وما دامت في العدة فلا يحل له أن يتزوج خامسة، وكذا إذا أراد أن يتزوج امرأة معتدة من مطلقها الأجنبي، فإنه لا يحل له زواجها إلا إذا انقضت عدتها، فهو ممنوع من زواجها ما دامت في العدة، أما إذا طلق هو امرأة وكانت معتدة منه،
فإن له أن يتزوجها ثانياً وهي في العدة. وأما الثاني: فمنه أن يطلق امرأته ثلاثاً، ويريد تزوجها ثانياً، فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويطلقها وتنقضي عدتها من ذلك الغير، فهو ممنوع من زواجها إلا إذا تزوجت بغيره وانقضت عدتها من ذلك الغير، ومنه أن يعقد على امرأة حامل من زنا، فإن العق يصح ولكن لا يحل وطؤها حتى تلد، ولا يقال: إن وضع الحمل انقضاء للعدة، فهو من الأول، لأنه لو كان عدة لم صح له العقد عليها، ومثل ذلك ما إذا تزوج حربية هاجرت إلينا مسلمة، وهي حامل فإنه يحل له العقد عليها لا وطؤها حتى تضع الحمل، ومن ذلك المسبية فإنه لا يحل وطؤها حتى تحيض حيضة، واحدة إن كانت من ذوات الحيض، وإلا انتظر شهراً. ومنه نكاح الوثنية، والمرتدة، والمجوسية، فإنه لا يحل حتى تسلم، فالرجل ممنوع من تزوج واحدة منهن بسبب الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>