للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


والحاصل أن الرجل يمنع من التزوج عند وجود سبب المنع، فإذا زال السبب رفع المنع ثم إن المدة الممنوع فيها تارة تكون عدة للمرأة وتارة تكون مدة استبراء، وتارة تكون مدة كفر، ونحو ذلك، وعلى كل حال فمدة انتظاره لا تسمى عدة.
وبذلك تعلم أن ركن العدة هو شيء يلزم المرأة في زمن خاص بحيث يحرم عليها أن تتعداه، إذا يلزم المرأة أن تمنع عن التزوج بالغير. وتمتنع عن الزينة المعتادة للأزواج ما دامت في هذه المدة متى تحقق السبب ووجد الشرط، وأسباب وجوب العدة ثلاثة: العق الصحيح، وهذا تجب به العدة إذا توفي عنها زوجها، ولو لم يدخل بها، صغيرة كانت، أو كبيرة فسبب العدة في هذه الحالة أمران: العقد الصحيح والوفاة، فمن قال: إن الوفاة سبب في العدة لا يعني إلا وفاة الزوج بالعقد الصحيح كما هو ظاهر. ثانيها: الوطء سواء كان بعقد صحيح، أو فاسد، أو كان وطء شبهة، أما الوطء بالعقد الباطل، ووطء الزنا فإنهما لا عدة فيهما، وقد تقدم الفرق بين الفاسد والباطل في صحيفة ١٠٧ وما بعدها، وكذا تقدم بيان الوطء بشبهة في صحيفة ١١٢ وما بعدها فارجع إليهما فالعقد الفاسد بدون وطء لا يوجب العدة كما تقدم، والباطل من باب أولى، ثالثها: الخلوة، سواء كانت صحيحة أو فاسدة على المعتمد، كما تقدم في صحيفة ١٠٥.
المالكية - قالوا: العدة هي مدة يمتنع فيها الزواج بسبب طلاق المرأة، أو موت الزوج أو فسخ النكاح، وقوله: يمتنع فيها الزواج يشمل المدة التي يمتنع فيها الرجل عن الزواج، كما إذا كان متزوجاً أربعة، وطلق الرابعة أو كان متزوجاً امرأة وطلقها وأراد أن يتزوج أختها، وهو قول لبعضهم، فإن انتظار الرجل يقال له عدة. وبعضهم يقول: إن منع الرجل لا يسمى عدة، وعلى هذا يزيد قيد المرأة، فيقول: مدة تمتنع فيها المرأة عن الزوج، أو طلاقه، فهذا التعريف يخرج انتظار الرجل مدة، ولكن يرد عليه أن العدة تكون لمن ثبتت براءة رحمها، كالصغيرة، وأجيب بأن الأصل فيها أن تكون لبراءة الرحم. ولكن هذا الجواب غير ظاهر، إذ لا دليل على أن الأصل فيها ذلك وعلى فرض أن الأصل فيها ذلك، فإن التعريف على كل حال ناقص، فالتعريف الأول هو الصحيح، لأن الشارع قد ضرب مدة يجل على المرأة أن لا تتزوج فبها سواء كان ذلك لبراءة الرحم أو تعبداً، كما يقولون.
وبذلك تعلم أن الوطء بالعقد الفاسد، ووطء الشبهة، ووطء الزنا لا يوجب العدة بهذا المعنى ولكن على كل واحدة من هؤلاء، سواء وطئت بزنا، أو بشبهة، أو بعقد فاسد، أو باكراه أن تستبرئ رحمها بقدر العدة، بدون فرق، فهو استبراء قدر العدة إلا الزانية إذا أريد استبراؤها لإقامة الحد عليها لا للتزوج بها، فإنها تستبرأ بحيضة واحدة. فلا تقتل قبل ذلك مخافة أن تكون حاملاً، ومثلها المرتدة، فإنها لا تقتل إلا بعد استبرائها بحيضة، ومثلها الاستبراء في اللعان الآتي بيانه.
واعلم أن عدة الأمة نصف عدة الحرة، ولكن إذا كانت من ذوات الحيض فعدتها حيضتان أما استبراؤها في الزنا، والوطء بشبهة فإنه يكفي فيه حيضة واحدة، وقد عرفت من قوله بسبب طلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>