للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=ويعفى في النجاسة المغلظة عن أمور: منها قدر الدرهم، ويقدّر في النجاسة الكثيفة بما يزن عشرين قيراطاً، وفي النجاسة الرقيقة بعرض مقعر الكف، ومع كونه يعفى عنه في صحة الصلاة، فإن نعم إزالة قدر الدرهم أكد من إزالة ما هو أقل منه، والمشهور عند الحنفية كراهة التحريم، ومنها بول الهرة والفأةر وخرؤهما فيما تظهر فيه حالة الضرورة، فيعفى عن خرء الفأرة إذا وقع في الحنطة ولم يكثر حتى يظهر أثره ويعفى عن بولها إذا سقط في البئر لتحقق الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب أحدهما ثوباً أو إناء مثلاً، فإنه لا يعفى عنه لإمكان التحرز، ويعفى عن بول الهرة إذا وقع على نحو ثوب لظهور الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب خرؤها أو بولها شيئاً غير ذلك، فإنه لا يعفى عنه، ومنها بخار النجس وغباره، فلو مرت الريح بالعذارات وأصابت الثوب لا يضر، وإن وجدت رائحتها به، وكذا لو ارتفع غبار الزبل، فأصاب شيئاً لا يضر، ومنها رشاش البول إذا كان رقيقاً، كرؤوس الإبر، بحيث لا يُرى، ولو ملأ الثوب أو البدن، فإنه يعتبر كالعدم للضرورة، ومثله الدم الذي يصيب القصاب "أي الجزار" فيعفى عنه في حقه للضرورة، فلو أصاب الرشاش ثوباً ثم وقع ذلك الثوب في ماء قليل تنجس الماء لعدم الضرورة حينئذ، ومثل هذا أثر الذباب الذي وقع على نجاسة ثم اصاب ثوب المصلي، فإنه يعفى عنه، ومنها ما يصيب الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في تغسيله، ومنها طين الشوارع ولو كان مخلوطاً بنجاسة غالبة ما لم يَرَعَينها، ويعفى في النجاسة المخففة عما دون ربع الثوب كله أو ربع البدن كله، وإنما تظهر الخفة في غير المائع، لأن المائع متى أصابته نجاسة تنجس لا فرق بين مغلظة ومخففة، ولا عبرة فيه لوزن أو مساحة.
ويعفى عن بعر الإبل والغنم إذا وقع في البئر أو في الإناء، ما لم يكثر كثرة فاحشة أو يتفتت فيتلون به الشيء الذي خالطه، والقليل المعفوُّ عنه هو ما يستقله الناظر إليه، والكثير عسكه، وأما روث الحمار وخثي البقر والفيل، فإنه يعفى عنه في حالة الضرورة والبلوى، سواء كان يابساً أو رطباً.
الشافعية قالوا: يعفى عن أمور: منها ما لا يدركه البصر المعتدل من النجاسة، ولو مغلظة، ومنها قليل دخان النجاسة المنفصل عنها بواسطة النار، بخلاف نحو البخار المنفصل بلا واسطة نار، فإنه طاهر، ومنها الأثر الباقي بالمحل بعد الاستنجاء بالحجر، فيعفى عنه بالنسبة لصاحبه دون غيره، فلو نزل في ماء قليل واصابه ذلك الأثر تنجس به، ومنها طين الشارع المختلط بالنجاسة المحققة، فإذا شك في نجاسة ذلك الطين أو ظن كان طاهراً لا نجساً معفواً عنه، وإنما يعفى عنه بشروط أربعة:
أولاً: أن لا تظهر عين النجاسة. ثانياً: أن يكون المار محترزاً عن إصابتها بحيث لا يرخي ذيل ثيابه ولا يتعرض لرشاش نحو سقاء. ثالثاً: أن تصيبه النجاسة وهو ماش أو راكب، أما إذا سقط على الأرض فتلوثت ثيابه فلا يعفى عنه لندرة الوقوع. رابعاً: أن تكون النجاسة في ثوب أو بدن، ومنها الخبز المسخن أو المدفون في الرماد النجس وإن تعلق به شيء من ذلك الرماد فإنه يعفى عنه ولو سهل فصله منه، وإذا وضع في لبن ونحوه وظهر أثره فيه أو أصاب نحو ثوب، فإنه يعفى عنه أيضا ومنها دود الفاكهة=

<<  <  ج: ص:  >  >>