وروي عن عبد الله بن أحمد في المسند، عن أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه. قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمة سوداء زنت لأجلدها الحد، قال: فوجدتها في دمها، فأتيت النبّي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال لي: إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين) . وروي عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: (أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد المارة خمسين خمسين في الزنا) رواه الإمام مالك في كاتبه الموطأ. فالذكر من العبيد إذا زنى يجلد مائة جلدة، والأمة إذا ثبت عليها الزنا تجلد خمسين جلدة. واحتج الأئمة الأربعة على أن الأمة غير المتزوجة يقام عليها الحد بحديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنهم (أن النبّي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة زنت، ولم تحصن فقال: (إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو يضفير - أي بحبل مضفور - قال أبن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة، أو الرابعة، متفق عليه) . وقال أبن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: إن العبد والأمة إذا لم يحصنا فلا يقام عليهما الحد وإنما يجب عليهما التعزير بحسب ما يرى الحاكم وإذا أحصنا فحدهما خمسون جلدة بالتساوي. وسبب اختلافهم - الاشتراط الذي في اسم الإحصان في قوله تعالى: {فإذا أحصن} فمن فهم من الإحصان التزوج والإسلام وقال بدليل الخطاب قال لا يجلد غير المتزوجة، ومن فهم من لفظ الإحصان الإسلام، جعله عاماً في المتزوجة، وغير المتزوجة وهو الرجح. الحنفية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: لا يجب التغريب في زنا العبد، والأمة، لأن العبد دنيء فلا يتأثر بالتغبير من الناس مثل الحر، ولا العار بعظم الشرف والنسب، والعبد مجرد منهما. الشافعية - قالوا في أصح أقوالهم: أن العبد والأمة إذا ثبت الزنا على واحد منهما يغرب نصف عام، لأنه على النصف من الحر، في كثير من الأحكام. حق السيد في إقامة الحد على عبيده الشافعية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: للسيد أن يقيم الحد على عبده وأمته إذا قامت البينة عنده، أو أقر بين يديه، لا فرق في ذلك بين الزنان والقذف، وشرب الخمر، وغير ذلك. لن العبد معدود من مال السيد فله تفويت المنفعة فيه على نفسه. إيثاراً لحق الله تعالى. المالكية في بعض آرائهم، والحنابلة - قالوا: يستثنى من ذلك حد السرقة، فلا يجوز للسيد أن يقطع في حد السرقة بدون إذن الإمام أو نائبه. الحنفية - قالوا: ليس للسيد إقامة الحد على إمائه في كل الأحول التي يجب فيها الحد بل يجب أن يرده إلى الإمام، لأن إقامة الحدود بالأصالة من منصب الإمام الأعظم ومن خصوصياته، وإنما جعل