للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الشارع إقامة الحدود إلى الإمام الأعظم، أو نائبه، دون كل من قدر على إقامتها من المتغلبة ونحوهم، دفعاً للفساد في الأرض، وعدم إشاعة الفوضى في المجتمع، لغلبة عدم قدرة الرعية على رد نفوسهم عن تنفيذ غضبهم في بعضهم بعضاً حمية جاهلية، لا نصرة للإسلام ولا شريعة بخلاف الإمام الأعظم، فإنه ليس له غرض عند أحد دون أحد في غالب الأحوال لقوة إرادته. ولأنه يقدر على تنفيذ حكمه في غيره، ولا عكس، فإذا قتل الإمام شخصاً في حد، ولو ظلماً فلا يقدر عصبته أن يقتلوا الإمام لأجله عادة، لأنه متحصن بالقانون، ولأن قوة الجند والشرطة في يده.
حد الذمي
الشافعية، والحنابلة - قالوا: إذا زنى الذمي يقام عليه الحد مثل المسلم.
المالكية - قالوا: لا يقام الحد عليه لأنه غير محصن، لأن الإحصان شرف يختص به المسلم فقط.
حد اليهودي
الشافعية والحنابلة - قالوا: يقام الحد على اليهودي كغيره من النصارى والذميين والمستأمنين وذلك لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة خصوصاً إذا رفعت دعواهم إلينا، ولأن إقامة الحد يخفف عنهم العذاب يوم القيامة، ولأن السنة أثبتت أن النبّي صلى الله عليه وسلم قد أقام حد الزنا على اليهودي واليهودية التي رفع يهود المدينة أمرهما إليه صلوات الله وسلامه عليه. فقد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن اليهود أتوا النبّي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم قد زنيا، فقال: ما تجدون في كتابكم؟ قالوا: تسخم وجوههما - أي تسود - ويخزيان. قال: كذبتم: (إن فيهما الرجم فأتوا التوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) فجاؤوا بالتوراة، وجاؤوا بقارئ لهم فقرأ حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له: ارفع يدك فرفع يده فإذا هي تلوح فقال، أو قالوا: يا محمد إن فيها الرجم ولكننا كنا نتكاتم بيننا فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، قال: فلقد رأيته يجنأ عليها ويقيها الحجارة بنفسه) ومعنى يجيأ (ينحني) .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم ورجلاً من اليهود وامرأة) .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (مر على النبّي صلى الله عليه وسلم يهودي محمم مجلود فدعاهم فقال: أهكذا تجدون حد الزنا في كتابكم؟ قالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزنا في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد الرجم، ولكن كثر في أشرافنا، وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحريم والجلد مكان الرجم. فقال النبّي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أول من أحيا أمك إذ أماتوه) ، فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا: آمنا بأفواههم إلى قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>