للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


إن أوتيتم هذا فخذوه} يقولون: ائتوا محمداً فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تبارك وتعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} وقلوه تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} قال: هي في الكفار كلهم رواه أحمد مسلم، وأبو داود، فهذه الحاديث تدل على أنه يحد الذمي كما يحد المسلم.
الحنفية والمالكية - قالوا: لا يقام الحد على اليهودي، ولا المسيحي، ولا الذمي، ولا المستأمن لأنهم اشترطوا في الإحصان، الإسلام فغير المسلم لأي يكون محصناً فلا يرجم وإنما يجلد ولأن الرجم تطهير من الذنب والذمي وغير المسلم ليس من أهل التطهير، بل لا يطهر أبداً إلا بحرقه بنار جهنم، ولأنه ليس مخاطباً بفروع الشريعة، بل هم مخاطبون بأصولها أولاً وقبل كل شيء وما روي من حديث أبن عمر مرفوعاً، وموقوفاً (من أشرك بالله فليس بمحصن) ورجح الدر قطني وغيره الوقوف، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده على الوجهين.
وقد أجاب الحنفية، والمالكية، عن الحاديث التي تدل على جواز رجم غير المسلم، بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمضى حكم التوراة على أهلها، ولم يحكم عليهم بحكم الإسلام. وقد كان ذلك عند مقدمة المدينة، وكان إذ ذاك مأموراً بأتباع حكم التوراة ثم نسخ ذلك الحكم بقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} فقد شرع الله هذا الحكم الوارد في الآية الشريفة بالنسبة إلى نساء المسلمين فقط.
قال الشوكاني: - ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف، ونصب فعله في مقابلة أحاديث الباب من الغرائب، وكونه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك عند معدمه المدينة لا ينافي ثبوت الرعية، فإن هذا حكم شرعه الله لهل الكتاب، وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طريق لنا إلى ثبوت الحكام التي توافق أحكام الإسلام إلا بمثل هذا الطريق، ولم يتعقب ذلك في شرعنا ما يبطله، ولا سيما وهو مأمور بأن يحكم بينهم بما أنزل الله ومنهي عن اتباع أهوائهم كما صرح بذلك القرآن الكريم. وقد أوه صلى الله عليه وسلم، يسألونه عن الحكم، ولم يأتوه ليعرفهم شرعهم فحكم بينهم بشرعه ونبههم على أن ذلك ثابت في شرعهم كثبوته في شرعه، ولا يجوز أن يقال: إنه حكم بينهم بشرعهم مع مخالفته لشرعه، لأن الحكم منه عليهم بما هو منسوخ عنده لا يجوز على مثله، وإنما أراد إلزامهم الحجة.
غيرة المسلم على عرضه
إن الإسلام قد حارب الزنا من أول وهلة فدعا الناس إلى العفاف والتمسك بالطهر والفضيلة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عفوا تعف نساؤكم) ورغب في التزوج بالنساء المصونات الصالحات العفيفات الحافظات لفروجهن فقال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وقال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات} وقال صلى الله عليه وسلم: (خير النساء الودود الولود التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنه حفظتك في مالك وعرضها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>