المالكية قالوا: إن حد القذف مثل سائر الحدود، فيجب أن يجرد القاذف من ثيابه عند الجلد، ولا يبقى على حسده إلا ما يستر عورته فقط، ويجلد ثمانين جلدة، والعبد يضرب أربعين فقط. قالوا: ويتعين الضرب بالسوط المصنوع من الجلد، وذلك للسليم القوي، أما نحيف الجسم والمريض فلا يصح ضربه بالسوط، لأنه يؤدي إلى إتلافه وهلاكه، ويفرق الشرب على جميع الأعضاء، لأن جمع الجلدات في عضو واحد ربما يؤدي إلى الإتلاف، وهو غير مستحق، ويتقى في الضرب المقاتل كثمرة التمر، والفرج، والوجه لأنه يجمع المحاسن ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه) وروي أن سيدنا عمر رضي الله عنه قال للجلاد: إياك أن تضرب الرأس والفرج، ويضرب الرجل قائماً، والمرأة جالسة مستورة، وكشف العورة حرام إلا أنه ينزع عنها الحشو، والفرو، ليخلص اللم إليها. فإن كان القاذف شديد الهزال، أو مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه كالمسلول والمجذوم جلد (بعثكل) وبه ثمانون غصناً يضرب به مرة واحدة، ولا يقام الحد في الأيام الشديد ة الحر ولا الشديدة البرد، ولا يقام الحد على النفساء والحامل حتى تضع وتبرأ من مرضها. مبحث التوبة النصوح لقد عبر الله تعالى في الأية الكريمة في جانب {الذين يرمون المحصنات} بصيغة المذكر (الذين) وعبر في جانب المرمي بصيغة المؤنث (المحصنات) ولا فرق بين الذكور والإناث عند جميع الفقهاء في الرامي، والمرمي فمن رمى غيره بالزنا، واستوفى شروط الحد وجب على الحاكم حده سواء أكان كل من الرامي والمرمي رجلاً أم امرأة، وإنما اختير هذا التعبير أما في الأول فمن باب تغليب الذكور على الإناث فإنهما متى اجامعا في حكم شرعي عبر بصيغة كالذكور تغليباً لهم عليهن قال تعالى: {وكانت من القانتين} وأيضاً في الغالب، أو المفروض إن الرمي في هذه الفاحشة بعيد لأن ألسنة النساء اللاتي ينبغي أن يحوطهن الحياء والأدب، فلا يكاد يقع منهن هذا البذاء. وأن الغالب في الرمي يكون من جانب الذكور.