للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


بالنفس} وقتل المسلم بالذمي نفس بنفس، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بسنته لما قتل اليهودي بالمرأة، قاله مجاهد.
قالوا: والذمي مع المسلم متساويان في الحرمة التي تكفي في القصاصن وهي حرمة الدم الثابتة على التأييد والمسلم كذل:، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يقق ذلك: أن المسلم تقطع يده بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أن مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواتع لدمه، إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه، وأجمع العلماء على أن العور والأشل إذا قتل رجلاً سالم الأعضاء، أنه ليس لوليه أن يقتل الأعور، ويأخذ منه نصف الدية، من أجل أنه قتل إذا عينين وهو أعور، وقت ل ذا يدين وهو أشل، فهذا يدل لى أن النفس مكافئة للنفس، ويكافىء الطفل فيها الكبير.
واحتجوا بما روى محمد بن الحسن عن إبراهيم رحمهما الله تعالى (أن رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمة، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (انا أحق من وفى بذمته، ثم أمر به فقتل) .
ولأن القصاص يعتمد المساواة في العصمة، وهي ثابتة، نظراً إلى التكليف أو الدرا، ولأن المبيح للدم إنما هو كفر المحارب، قال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} آية ٢٩ من التوبة.
ولأن قتل الذمي بالذمي، دليل على أن كفر الذمي لا يورث الشبهة، إذ لو أورثها لما جرى القصاص بينهما، كما لا يجري بين الحربيين، ولأن الأسلام أعلى من حرية الذمي والأعلى لا يقتل بالأدنى، ولا يقتل المسلم بالمستأمن، لأنه غير محقون الدم على التأبيد، وكذلك كفره باعث على الحرب لأنه على قصد الرجوع إلى داره، فصار كالحربي، ولا يقتل الذمي بالمستأمن، ويقتل المستأمن بالمستأمن، ويقتل الرجل بالمرأة، والكبير بالصغير، والصحيح بالعمى والزمن، وبناقص الطراف وبالمجنون، للآيات الدالة بعمومها على وجوب القصاص، ولأن في اعتبار التفاوت فيما وراء العصمة، امتنعاع القصاص، وظهر التقاتل، والتفاني بين أفراد المجتمع.
مبحث قتل الحر بالعبد
الحنفية قالوا: يقتل الحر بالحر، والحر بالعبدن لعموم الآيات الواردة في القصاص، ولآن القصاص يعتمد المساواة في العصمة، وهي بالدين، أو بالدار، والعبد والحر يستويان فيهما، فيجري القصاص بينهما، وحقيقة الكفر لا تمنع ممن جريان القصاص، لأنه لو صلح لما جرى بين العبدين، كما لا يجري بين المستأمنين وليس كذلك، ونص الآية فيه تخصيص بالذكر، وهو لا ينفي ما عداه، كما في قوله تعالى {والأنثى بالأنثى} فإنه لا ينفي أن يقتل الأنثى بالذكر، ولا العكس بالإجماع، وفائدة التخصيص الرد على من اراد قتل غير القاتل، أو الاسراف في القصاص، كأن يقتل العشرة بالواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>