للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ولو كان زانياً محصناً، أو تاركاً للصلا' متعمداً، بذمي، ولا كتابي، لخبر البخاري رحمه الله تعالى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقتل مسلم بذمي) .
قال ابن المنذر: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يعارضه. ولأنه لا يقاد المسلم بالكافر فيما دون النفس بالإجماع، كما قال ابن عبد البر، فالنفس بذلك أولى، والحديث المذكور يقتضي عموم الكافر، فلا يجوز تخصص بإضمار (الحربي) ولأنه لو كان لامعنى كما قال الأحناف، لخلا عن الفائدة، لأنه يصير التقديرن لا يقتل المسلم إذا قتل كافراً حربياص، ومعلوم أن قتله عبادة، فكيف يعقل أنه يقتل به؟.
ويقتل ذمي بالمسلم لشرفه، وبالذمي وإن اختلفت ملتهما، كاليهوجي، بالمسيحي، فلو اسلم الذميي القاتل كافراً مكافئاً له، لم سقط القصاص. لتكافئهما حال الجناية. لأن الاعتبار بالعقوبات حال الجناية، ولا نظر لما يحدث بعدها.
قالوا: ويقتل رجل بامرأة وخنثى، كعكسه، وعالم بجاهل، وشريف بخسيس، وشيخ بشاب كعكسهما، لأنه صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه إلى أهل اليمن (إن الذكر يقتل بالأنثى) رواه النسائي وقوله صلوات الله وسلامه عليه (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم) خرجه أبو داود.
ولو جرح ذمي، ذمياً، وأسلم الجارح، ثم مات المجروح بالسراية، فلا يسقط القصاص بالنفس للتطافؤ حالة الجرح المفضي إلى الهلاك، وذا أسلم المقتول عند إشرافه على القتل، أو بعد جرحه لا يقتص له وارثه الكافر، بل إنما يقتص له الحاكم بعد طلب الوارث، وإذا لم يطلب، فليس للإمان أن يقتص.
ولا يقتل حر بمن فيه رق، ويقتل قن، وعبد، ومكاتب، وأم ولد بعضهم ببعض.
لو قتل عبد عبداً، ثم عتق القاتل، أو عتق بعد الجرح، فكحدوث الإسلام، وهو عدم سقوط القصاص في القتل جزماص، ولا قصاص بين عبد مسلم، وحر وذمي لعلو الإسلام وشرفه.
الحنفية قالوا: يقتل المسلم بالذمي، لأن الله تعالى قال: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالانثى} فهو تخصيص بالذكر، وهو لا ينافي ما عده، كما في قوله، (والأنثى بالأنثى) فإنه لا ينافي الذكر بالأنثى، ولا العكس بافجماع، وفائدة التخصيص الرد على من اراد قتل غير القاتل بالمقتول، وذلك أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ري أن قبيلتين من العرب تدعي إحداهما فضلاً عن الأخرى، اقتتلتا فقالت: مدعية الفضل لا نرضى إلا بقتل الذكر منهم بالأنثى منا، والحر منهم بقتل العبد منا، فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة، رداً عليهم فجاءت الآية مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه، فبينت حكم الحر إذا قتل حراً، وحكم العبد إذا قتل الآخر، فالآية محكمة، وفيها إجمال بينة قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس

<<  <  ج: ص:  >  >>