للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


لقوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى} فقد جاءت الآية الكريمة مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه، ولم تتعرض لاحد النوعين إذا قبل الآخر، فالآية محكمة، وفيها إجمال بينه قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} .
وبينه النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل الرجل اليهودي بالمراة، في المدينة، وحين أمر بقتل المرأة اليهودية التي وضعت السم في الطعام في غزوة خيبر فمات بسببه صحابي من أصحابه رضوان الله عليهم.
مبحث قتل المؤمن بالكافر
المالكية قالوا: يقتل الأدنى صفة بالأعلى، كذمي قتل مسلماً، أو كحر كتابي يقتل بعبد مسلم، لأن الإسلام أعلى من الحرية.
ولا يقتل الأعلى بالأدنى، كمسلم بكافر، وكمسلم رقيق، بحر كتابي، ويقتل الذكر بالأنثى، حيث لم يكن القاتل زائداً حرية، أو إسلاماً، ويقتل الصحيح بالمرض، ولو كان مشرفاً على الهلاك أو محتضراً للموت. وقتل كامل الأعضاء والحواس بالناقص عضواص، كيد ورجل، أو الناقص حاسة كسمع وبصر، واحتجوا على مذهبهم بما روي من حديث الإمام على كرم الله وجهه، أنه سأله قيس بن عبادة والأشقر، هل عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً لم يعهده إلى الناس؟ قال: لا. إلا ما في كتابي هذا، وأخرج كتاباً من قراب سيفه، فإذا فيه (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، لو أحدث حدثاً، أو آوى محدثاث فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين) خرجه أبو دادو.
وما روي أيضاً عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقتل مؤمن بكافر) . وما روي عن أبي جحيفة أنه قال: قلت لعلي رضي الله عنه: (هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟ قال: لا. والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا فهم يعطيه الله تعالى رجلاً في القرآن الكريم، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك ألأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر) رواه البخاري رحمه الله وأخرجه أبو داود، والنسائي. رحمهما الله تعالى.
واحتجوا أيضاً على مذهبهم، بإجماع العلماء على أنه لا يقتل مسلم بالحربي الذي أمن أي اخذ الامان.
قالوا: فلا يقتل المؤمن بالذمي إلا أن يضجعه فيذبحه، أو يقتله غيلة ويأخذ ماله، فلا يشترط فيه الشوط المتقدمة، بل يقتل ولا صلح ولا عفو.
الشافعية والحنابلة قالوا: يشترط عندهم في القاتل مكافأته، ومساواته للقتيل في الصفة بأن لم يفضله بإسلام أو أمان، أو حرية، أو أصلية، أو سيادة، ويعتبر حال الجناية، حينئذ، فلا يقتل مسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>