للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فالحديث دليل على أنه يجب القصاص بالمثقل، كالمحدد، وأنه يقتل الرجل بالمرأة، وأن القاتل يقتل بما قتل به، قال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} .
وبما أخرجه البيهقي من حديث البراء رضي اللهتعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غرض غرضنا به، ومن حرق، حرقناه، ومن غرق غرقناه) ومعنى غرض أي اتخذه غرضاً للسهام، ولأن المقصود من القصاص التشفي، وإنما بكمل إذا قتل بمثل ما قتل، وحديث النهي عن المثلة محمول على من وجب قتله، لا على وجه المكافأة.
ويشترط أن تراعى المماثلة في طريق القتل، وتراعى في الكيفية والمقدار، ففي التجويع يحبس مثل تلك المدةن ويمنع عنه الطعام، وفي الإلقاء في الماء، أو النار يلغى في ماء، ونار مثلهما، ويترك تلك المدة، وتشد قوائمه عند الإلقاء في الماء، إن كان يحسن السباحة، وفي الخنق، يخنق بمثل ما خنق، بمثل تلك المدة، وفي الإلقاء من الشاهق يلقى من مثله، وتراعى صلابة الموضع، وفي الضرب بالمثقل يراعى الحجم، وعدد الضربات، وإذا تعذر الوقوف على قدر الحجر، أو النار، أو على عدد الضربات، اخذ باليقين، وقيل: يعدل إلى السيف، هذا إذا عزم على أنه إن لم يمت بذلك قتله، فإن قال ولي الدم فإن لم يمت به عفوت عنه لم يمكنه لما فيه من التعذيب، وفي السحر، يقتل بالسف لأن عموم السحر حرام، لا شيء مباح فيشبهه، ولا ينضبط وفي الخبر (حد الساحر ضربه بالسيف) ولو قتله بمسموم من طعام أو آلة اقتص منه بمثلها إذا لم يكن مهرياً يمنع الغسل، ولو أنهشه حية، فإن كانت تلك الحية موجودة لم يعدل إلى غيرها، ولو كانت غير موجودة جاز العدول إلى حية غيرها لتنهشه، وكذلك لو ألقاه في زريبة أسد فافترسه، فإنه يلقى أمام الأسد ليفترسه كما فعل، ولو رجع شهود الزنا بعد رجم المشهود عليه، اقتص منهم بالرجم، وإن رجعوا بعد موته بالجلد، اقتص منهم وبالجلد، ولو جوع، كتجويعه فملم يمت في المدة الي جوع فيها المقتول، فإنه يزاد في المدة حتى يموت، ليكون قتله بالطريق التي قتل به، ولا يبالي بزيادة الإيلام، والتعذيب، كما لو ضرب رقبة إنسان بضربة واحدة ولم تنحز رقبته إلا بضربتين، لأن المماثلة قد حصلتن ولم يبق إلا تفويت الروح فيجب تفويتها بالأسهل.
ومن عدل من أولياء الدم عما تجوز فيه المماثلة، إلى الضرب بالسيف، فله ذلك، سواء ارضي الجاني، أم لا، فإنه أرحم واسهل، بل هو أولى للخروج من الخلافن أما إذا عدل إلى ذبحه كالبهيمة، لم يجز، لهتكه الحرمة، فإن كان الجاني قتل بالسيف، ويريد ولي المقتول قتل الجاني بغير السيف، فإنه لا يمكن من ذلك.
ولو قطع يدهن فسى قطعه للنفس، فمات، فللولي حز رقبته ابتداء، لأنه أسهل على الجاني من القطع، ثم الحز، وله القطه، للمماثلة، ثم الحز للرقبة حالاً للسراية، ولا يجاب الجاني إذا قال لولي المجني عليه: امهلني عليه بعد جنايتي، لثبوت حق القصاص ناجزاً، وإن شاء الولي

<<  <  ج: ص:  >  >>