أو الحمى، أو لدغ العقرب ونحوه، كالموتى في أثناء طلب العلم، والموتى ليلة الجمعة، ومثل هؤلاء يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم. وإن كان لهم أجر الشهداء في الآخرة، الثالث الشهيد في الدنيا فقط، وهو المنافق الذي قتل في صفوف المسلمين ونحوه، وهذا لا يغسل، ويكفن في ثيابه، ويصلى عليه اعتباراً بالظاهر. الحنابلة قالوا: الشهيد هو من مات بسبب قتال كفار حين قيام القتال، ولو كان غير مكلف، أو كان غالاً - بأن كتم من الغنيمة شيئاً - رجلاً كان أو امرأة، وحكمه أن يحرم غسله والصلاة عليه، ويجب دفنه بثيابه التي قتل فيها، إلا إذا وجب عليه غسل غير غسل الإسلام قبل قتله، فإنه يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه بدمه الذي عليه، إلا إذا كانت عليه نجاسه غير الدم، فإنه يجب غسلها، ويجب نزع ما كان عليه من سلاح أو جلود، وأن لا يزاد أو ينقص من ثيابه التي قتل فيها، فإن سلبت عنه وجب تكفينه في غيرها، ومثل الشهيد المتقدم، المقتول ظلماً بأن قتل وهو يدافع عن عرضه أو ماله ونحو ذلك، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يكفن، بل يدفن بثيابه، بخلاف من تردى عن دابته في الحرب، أو عن شاهق جبل بغير فعل العدو فمات بسبب ذلك، أو عاد سهمه إليه فمات؛ أو وجد بغير المعركة ميتاً، أو جرح ثم حمل، فأكل أو شرب، أو عطش، أو طال بقاؤه عرفاً فإنه يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه كغير الشهداء، وإن كان من الشهداء يوم القيامة، والشهيد الذي تقدم بيانه، هو شهيد الدنيا والآخرة وهناك شهيد الآخرة، وهو من لم تتوفر فيه الشروط السابقة، إلا أن الآثار الصحيحة دلت على أنه من الشهداء يوم القيامة، وذلك نحو من مات بالطاعون، أو وجع البطن، أو الغرق، أو الشرق، أو بالحرق؛ أو بالهدم، أو بذات الجنب، أو بالسل، أو اللقوة، أو سقط من فوق جبل، أو مات في سبيل الله؛ ومنه من مات في الحج، أو طلب العلم، أو خرج من بيته للقتال في سبيل الله بنية الشهادة والمقتول مدافعاً عن دينه أو عرضه أو ماله أو نفسه، ومن قتلته السباع وغير ذلك.