للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


المالكية قالوا: الشهيد هو من قتله كافر حربي أو قتل في معركة بين المسلمين والكفار، سواء كان القتال ببلاد الحرب، أو ببلاد الإسلام، كما إذا غزا الحربيون المسلمين، وحكم الشهيد المذكور أنه يحرم تغسيله والصلاة عليه، ولو لم يقاتل، بأن كان غافلاً أو نائماً ثم قتل، وكذلك إذا قتله مسلم يظنه كافراً، أو داسته الخيل، أو رجع عليه سيفه أو سهمه فقتله، أو تردى في بئر أو سقط من شاهق جبل فمات، فكل هؤلاء يحرم تغسليهم والصلاة عليهم، ولا فرق بين الجنب وغيره؛ إنما يشترط أن لا يرفع من المعركة حيا؛ فإن رفع حيا غسل وصلي عليه، إلا إذا رفع مغموراً - والمغمور هو الذي لا يأكل ولا يشرب؛ ولا يتكلم - فهذا كالمرفوع ميتاً، فلا يغسل؛ ولا يصلي عليه؛ ويجب دفن الشهيد بثيابه التي مات فيها متى كانت مباحة، ولا يزاد عليها إن سترت جميع بدنه، فإن لم تستر جميع بدنه زيد عليها ما يستره؛ ولا ينزع خفه، ولا قلنسوته - وهي ما يتعمم عليه؛ وتسمى الطاقية - ولا تنزع منطقته، وهي ما يشد في وسطه إن كان ثمنها قليلاً؛ وكذلك يبقى خاتمه إن قل ثمن فصه، وكان الخاتم من فضة. وإلا نزع ودفن بدونه. وينزع عنه آلة الحرب كالسيف والدرع؛ والشهيد المذكور يشمل شهيد الدنيا والآخرة، وهو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وشهيد الدنيا فقط وهو من قاتل للغنيمة؛ وأما شهيد الآخرة فقط وهو المبطون والغريق والحريق ونحوهم والمقتول ظلماً في غير قتال الحربيين ولم يقتله حربي فهو كغيره من الموتى في غسله وغيره. فيجب تغسيله والصلاة عليه. ولا يجب دفنه في ثيابه وشهيد الآخرة المذكور له في الآخرة الأجر الوارد في الشرع إن شاء الله تعالى، وأما شهيد الدنيا فقط فلا أجر له في الآخرة، وإن كان يعامل معاملة الشهداء في الدنيا، كما تقدم.
الشافعية قالوا: الشهيد ثلاثة أقسام: "١" شهيد الدنيا والآخرة، وهو من قاتل الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى من غير رياء ولا غلول من الغنيمة - الغلول هو الأخذ من الغنيمة قبل قسمها بين المجاهدين - "٢" شهيد الدنيا فقط، وهو من قاتل بهدم أو غرق أو نحوها، كالمقتول ظلماً، والقسمان الأولان يحرم تغسيلهما والصلاة عليهما، ولو كان بهما حدث أصغر أو أكبر. ولا فرق بين أن يقتل واحد من القسمين المذكورين بسلاح كافر أو مسلم خطأ، وكذا من يقتل بسلاح نفسه. بأن يرجع عليه سلاحه فيقتله، أو يسقط عن دابته فيموت، أو تطأه الدواب، أو نحو ذلك، ولا فرق أيضاً بين أن يموت في الحال أو يبقى حياً بعد الإصابة، بشرط أن يكون بذلك السبب قبل انقضاء الحرب، أو يموت بعد انقضاء الحرب إذا كانت حياته غير مستقرة بأن لم يبق فيه إلا حركة مذبوح، ويجب تكفينه، ويسن أن يكفن بثيابه، وتكمل بما يستره إن لم تستره، ويندب أن ينزع عنه آلات الحرب، كالدرع والخف والفروة والسلاح ونحوها، وأما القسم الثالث فهو شهيد في ثواب الآخرة فقط، وأما في الدنيا فهو كغيره من الموتى يغسل ويصلي عليه، ويلاحظ فيه كل ما تقدم مما يتعلق بسائر الموتى، وتجب إزالة النجاسة من على بدن من يحرم غسله سوى دم الشهادة، ولو أدى إزالتها إلى إزالة دم الشهادة

<<  <  ج: ص:  >  >>