للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


درهماً كما يحلف به بعض النصارى، فقيل: ليس بيمين لعدم تعارض الحلف به واختاره بعضهم، وقيل إنه يمين لأن الاسم والمسمى واحد ورجحه بعضهم.
النوع الثاني: أن يحلف بصفة من صفاته تعالى، والمراد بالصفة هنا الصفة المحضة، كقدرة الله وعزته وعظمته. أما التي تدل على ذات وصفة كالعليم ونحوه فقد تقدم حكمها في النوع الأول، ولا فرق بين أن تكون الصفة صفة ذات أو صفة فعل، ولكن يشترط في انعقاد اليمين بالصفة أن يتعارف الناس الحلف بها، فإن الأيمان مبنية على العرف وهذا هو الصحيح.
والحلف بالقرآن وبكلام الله ينعقد به اليمين؛ لأنه صفة من صفات الله تعالى كعزة الله وجلاله وقد تعورف الحلف به بقطع النظر عن كونه النفسي أو اللفظي، أما الحلف بالمصحف كما يفعله العامة من وضع أيديهم على المصحف وقولهم: وحق هذا المصحف فإنه ليس بيمين، أما إذا قال: أقسم بما في هذا المصحف فإنه يكون يميناً. ولا ينعقد اليمين بصفة لم يتعارف الحلف بها كرحمة الله وعلمه ورضائه وغضبه وسخطه وعذابه ونفسه وشريعته ودينه وحدوده وصفته وسبحان الله ونحو ذلك.
الشافعية - قالوا: الصيغ التي تنعقد بها اليمين أربعة أنواع:
النوع الأول: أن يحلف بما اختص الله تعالى به بحيث لا يجوز إطلاقه على غيره. سواء كان مشتقاً كرب العالمين، أو غير مشتق كلفظ الله وسواء كان من أسماء الله الحسنى كالرحمن الرحيم، أو من غيرها كخالق الخلق، ومن نفسي بيده.
النوع الثاني: أن يحلف بما يطلق على الله تعالى وعلى غيره، ولكن الغالب فيه إطلاقه على الله كالرحيم والرازق والرب والخالق بدون إضافة إلى الخلق، فإن هذه تستعمل في غيره تعالى مقيدة فيقال: خالق الإفك ورحيم القلب ورازق الجيش ورب الدار ونحو ذلك.
النوع الثالث: أن يحلف بما يطلق على الله وعلى غيره بالتساوي كالموجود والعالم والحي، فإن هذه الأشياء تطلق على غير الله تعالى بلا قيد، وإنما ينعقد اليمين بهذه الأنواع الثلاثة إذا أراد اليمين، أما إذا لم يرد اليمين فإنها لا تنعقد، وفي ذلك ثلاث صور، لأنه لا يخلو: إما أن يقصد اليمين أو يقصد عدم اليمين، أو لا يقصد شيئاً بل يطلق، فإن اراد اليمين أو أطلقه تنعقد يميناً في الأنواع الثلاثة. أما إذا أراد عدم اليمين فإنها لا تنعقد في جميعها، ويقبل منه ذلك، فإذا قال: والله ما فعلت كذا وهو يريد أن يقول: وهو الله لم ينعقد يميناً، ويقبل قوله في ذلك إلا في الطلاق والعتاق والإيلاء ظاهراً، فلو قال: إن حلفت بالله فأنت طالق أو لا أطأ زوجي فوق أربعة أشهر، ثم حلف بعد ذلك بالله وقال: لم أرد اليمين لا يصدق ظاهراً وإن لم يكن آثماً باطناً، وهناك ثلاث صور أخرى وهي: أن يقصد بالصيغة الله تعالى، أو يقصد غيره. أو لم يقصد شيئاً، فإذا قصد بها الله تعالى انعقد اليمين في جميع الأنواع، وإن قصد غيره انعقد في النوع الأول دون الأخيرين، لأن ما يختص بالله تعالى ينصرف إليه ولو قصد به غيره بخلاف المشترك بينه وبين غيره، فإن اليمين لا ينعقد إلا إذا قصد به الله تعالى. أما إذا لم يقصد شيئاً فإن اليمين تنعقد في النوعين الأولين، وهما ما يطلق على الله فقط، وما يطلق عليه وعلى غيره، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>