للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الغالب إطلاقه على الله، أما النوع الثالث، وهو ما يطلق عليه وعلى غيره بالتساوي، فإنه لا ينعقد إلا إذا قصد به الله تعالى فقط. لأنه لما أطلق عليهما بالتساوي أشبه الكناية فلا ينعقد إلا بالنية.
النوع الرابع: أن يحلف بصفة من صفاته الذاتية كعلمه وقدرته وعزته وكلامه ومشيئته وحقه وعظمته، أما صفات الأفعال كالخلق والرزق فليست بيمين، أما الصفات السلبية ففيها خلاف.
وإذا أراد بالصفة معنى آخر يحتمله اللفظ لا ينعقد اليمين كأن يريد بالعلم المعلوم. وبالقدرة المقدور، وبالباقي ظهور آثارها، فأثر العظمة والكبرياء هلاك الجبابرة، وأثر العزة العجز عن إيصال مكروه إليه، وأثر الكلام الحروف والأصوات وما أشبه ذلك.
وتنعقد اليمين بقوله: وكتاب الله ويمين الله والقرآن والمصحف والتوراة والإنجيل، إلا إذا أراد بالقرآن الخطبة والصلاة. فإنه يطلق عليهما لقوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} فإن المراد به الخطبة، وقوله تعالى: {وقرآن الفجر} فإن المراد به صلاة الفجر فإنه في هذه الحالة لا ينعقد به اليمين، وكذلك لا ينعقد إذا أراد بالمصحف الورق أو الجلد، كما لا ينعقد إذا أراد بكلام الله الحروف والأصوات، أو بالقرآن الألفاظ أو النقوش.
وتنعقد بقوله: أقسم بالله، أو أحلف بالله، أو أقسمت بالله، أو حلفت بالله. إلا إذا أراد الإخبار بأنه فعل ذلك في الماضي وسيفعل في المستقبل فإنه لا ينعقد وهذا هو الراجح، وبعضهم يرى أنه إذا صرح بلفظ أحلف أو بأقسم فإنه لا يكون يميناً.
المالكية - قالوا: صيغة اليمين المنعقدة يلزم أن تكون بذكر اسم من أسماء الله الحسنى سواء كان موضوعاً للذات فقط كالله، أو موضوعاً لها ولصفة من الصفات كالرحمن الرحيم. وكذلك تنعقد بذكر صفة من صفاته، سواء كانت تلك الصفة نفسية وهي الوجود، أو كانت من صفات المعاني كقدرة الله وحياته وعلمه، أما الصفة السلبية كقدمه وبقائه ووحدانيته ففيها خلاف عندهم، فمن يرى أنها صفة حقيقة يقول: إنها يمين. ومن يرى أنها أمر اعتباري يقول: إنها ليست بيمين وأما صفات الأفعال كالخلق والرزق والإماتة ونحوها فإن الحلف بها لا ينعقد اتفاقاً، ولا بد من ذكر اللفظ، فلا ينعقد اليمين بالكلام النفسي على الراجح، ويكفي ذكره حكماً كما إذا قال: أحلف أو أقسم أو أشهد ولم يذكر الاسم الكريم فإنه يكتفي بتقدير لفظ بالله إذا نوى اليمين، وينعقد اليمين بقول الله وها الله وايم الله وحق الله وعظمته وجلاله وإرادته وكفالته بمعنى كلامه القديم، وكلامه والقرآن والمصحف إذا نوى به الكلام القديم، أما إذا نوى به الورق والكتابة، أو لم ينو شيئاً فإنه ليس بيمين، وكذا ينعقد بقوله: وعزة الله إن أراد به صفته تعالى وهي القوة والمنعة، أما إن أراد بها المعنى الذي يخلقه الله في عباده فإنها لا تكون يميناً، ولا يجوز الحلف بها.
ومثلها وأمانة الله وعهده وعلى عهد الله، فإن أراد بالأمانة كلام الله تعالى وبالعهد كذلك فيمين، أما إن أراد بالأمانة الأمانة المعروفة المشار لها بقوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} وأراد بالعهد العهد المعروف، فإنه لا ينعقد بها اليمين، ولا يجوز الحلف بها حينئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>