للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


بالمريض وكذا إذا حلف ليشترين دار فلان ولكن صاحبها أبى بيعها بثمن مثلها فإنه لا يحنث على الصحيح لأن يمينه مقيد بما إذا رضي صاحبها، وكذا إذا حلف ليبيعن فأعطي أقل من الثمن. وكذا إذا كان شخص يأخذ من الناس زكاة مالهم لينفقها على الفقراء فقيل له: أنت تفعل ذلك لتأخذ منه لنفسك، فحلف أنه لا يزكي ولم ينو شيئاً فإنه لا يحنث إذا أخرج زكاة ماله، وإنما يحنث بتزكيته للناس. وكذا إذا ضاع من شخص عقد من العقود ثم حلف للشهود بالطلاق أنه قد ضاع وأنه غير موجود في الدار ليكتبوا له غيره ثم وجده في الدار فإنه لا يحنث.
الثالث: العرف وهو قسمان: عرف قولي، وعرف فعلي، فالعرف القولي هو الذي ينصرف إليه القول عند الإطلاق في العرف، كلفظ الدابة المختصة في العرف بالحمار. والمملوك المختص بالأبيض، والثوب المختص بالقميص، فمن حلف لا يشتري دابة لا يحنث بشراء الفرس، وإنما يحنث بشراء الحمار، وكذا من حلف لا يشتري مملوكاً فاشترى أسود، أو حلف لا يشتري ثوباً فاشترى عمامة فإنه لا يحنث، وأما العرف الفعلي فهو ما تعارف الناس على استعماله، فإذا حلف لا يأكل خبزاً وكان المتعارف عند أهل البلد أنهم لا يأكلون إلا الشعير ولفظ الخبز يتناول الشعير والقمح فإنه لا يحنث بأكل القمح، لأن العرف الفعلي يخصه بالشعير. وقيل إن العرف الفعلي لا يخصص فيحنث بأكل القمح: والظاهر الأول، وإنما يعتبر العرف إذا عدمت النية والبساط.
الرابع: المدلول الشرعي، فمن حلف لا يصلي أو لا يتطهر أو لا يزكي حملت على الأركان الشرعية لا على اللغوية، فيحنث إذا صلى الظهر أو العصر وهكذا، ويقدم المدلول الشرعي على اللغوي على الراجح.
الخامس: المدلول اللغوي، فمن حلف لا يركب دابة حنث بركوب أي حيوان يدب على وجه الأرض ولو التمساح، وكذا من حلف لا يلبس ثوباً فإنه يحنث بلبس العمامة، وإنما يعتبر المعنى اللغوي عند عدم وجود أصل من الأصول المتقدمة.
الحنابلة - قالوا: اليمين تعتبر فيها أولاً النية فيرجع إلى نية الحالف بشرطين:
الأول: أن يكون غير ظالم وإلا فلا تعتبر نيته إن كان ظالماً بل تعتبر نية المحلف.
الثاني: أن يحتمل لفظه ما نواه، فإن احتمله احتمالاً قريباً أو متوسطاً يقبل قوله ديانة وقضاء وأما إذا احتمله احتمالاً بعيداً فإنه يقبل ديانة أي فيما بينه وبين الله، أما إذا لم يحتمل لفظه ما نواه كأن حلف أن لا يأكل خبزاً ونوى بذلك أن لا يدخل بيتاً فإن نيته لا تعتبر، وما تعتبر فيه النية أنواع:
منها: أن ينوي بالعام الخاص، كأن يحلف لا يأكل لحماً واللحم تحته أفراد كثيرة: لحم الشاة ولحم البقر ولحم الجمل وهكذا، فإذا نوى باللفظ العام فرداً من هذه الأفراد تصخ نيته ويقبل منه قوله، ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه وينوي في وقت معين مثل أن يقول: والله لا أتغدى وينوي اليوم، أو يقول: والله ما أكلت ويريد الساعة وهكذا، فإن نيته تعتبر ويخص يمينه بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>