ثانياً: يعتبر سبب اليمين، فإذا لم ينو بلفظه شيئاً لا ظاهر اللفظ ولا ما يحتمله يرجع في يمينه إلى السبب الذي حمله على الحلف، فإذا كان لشخص دين على آخر وطلبه منه بشدة فحلف له المدين أن يقضيه حقه غداً ثم قضاه قبل ذلك فإنه لا يحنث، لأن سبب اليمين يقتضي تعجيل الوفاء، والسبب يدل على النية. أما إذا لم تكن له نية وليس ليمينه سبب فإنه يحنث إذا قضاه قبل الموعد المضروب فإن قضاه حقه قبل الغد حنث كما لو أخره. ثالثاً: أن تتغير صفة المحلوف عليه بما يزيل اسمه ثم تعود له تلك الصفة ثانياً كغصن انكسر ثم أعيد، وقلم كسر ثم بري، ودار هدمت ثم بنيت، فلو حلف لا يستظل تحت هذا الغصن ثم انكسر وأعيد فإنه يحنث إذا استظل تحته، وإذا حلف لا يكتب لهذا القلم ثم كسره وبراه فإنه يحنث بالكتابة به، وإذا حلف لا يدخل هذه الدار فهدمت وبنيت فإنه يحنث بدخولها. رابعاً: أن تتغير الصفة بما لا يزيل الاسم كما إذا حلف لا يأكل لحماً مشوياً فأكله مطبوخاً فإنه يحنث. أما إذا حلف لا يلبس هذا الثوب وهو رداء ثم غيره عن كونه رداء ولبسه فإنه لا يحنث لأن الحال قيد في عاملها. خامساً: يعتبر بعد ذلك مدلول الاسم وهو ثلاثة أقسام: عرفي، وشرعي، ولغوي وهو الحقيقي فيقدم في الاعتبار المعنى الشرعي، فإذا حلف لا يصلي ولم ينو شيئاً انصرف يمينه إلى الصلاة الشرعية لا إلى اللغوية وهي الدعاء. ويحنث بصلاة الجنازة لأنها صلاة شرعاً، ويحنث بتكبيرة الإحرام لأنه يكون بها مصلياً، أما إذا قال: والله لا أصلي صلاة فإنه لا يحنث إلا إذا صلى ركعة لأنها هي التي يقع عليها اسم الصلاة، ولا يحنث إلا إذا صلى صلاة صحيحة، فلو صلى بدون طهارة أو بدون تكبيرة الإحرام فإنه لا يحنث، ومثلها سائر العقود فإنه لا يحنث بالفاسد منها ما عدا الحج فإنه يحنث بالفاسد منه ثم يقدم المعنى العرفي على المعنى اللغوي. وإذا حلف ليقضينه حقه غداً ونوى به مطله ثم قضاه قبل ذلك يحنث أيضاً، لأن اليمين انعقد على ما نواه وقد خالفه. وإذا حلف ليبيعن هذه السلعة بمائة فباعها بالمائة أو بأكثر منها لا يحنث، أما إذا باعها بأقل فإنه يحنث لأن قرينة الحال تدل على أنه يريد الكثرة: وإذا حلف لا يشتريه بمائة فاشتراه بها أو بأقل لا