سادساً: التعيين بالإشارة، لم يكن للحالف نية ولم يكن لليمين سبب فإنه يرجع إلى الإشارة لأنها تعين المقصود وتدل على غرض الحالف أكثر من دلالة اللفظ على معناه، فإذا حلف على معين كما إذا قال: والله لا آكل هذه البيضة فإنه يحنث بأكلها إذا لم ينو شيئاً يحتمله اللفظ، أو يكون ليمينه سبب يرجع إليه. فإذا انعدمت صفة المحلوف عليه المعين كما إذا حلف لا يأكل هذه البيضة فصارت فرخاً فإن ذلك على ثلاثة أقسام: الأول: أن تنعدم الصفة وتستحيل الأجزاء بتغير الاسم كما في البيضة إذا صارت فرخاً. والحنطة إذا صارت زرعاً، والخمر إذا صار خلاً. وفي هذه الحالة يحنث بالأكل من الفرخ والزرع والشرب من الخل. الثاني: أن تنعدم صفته ويزول اسمه مع بقاء أجزائه كالرطب إذا صار تمراً أو دبساً أو عمل حلوى "مربة" فإن أجزاءه لم تنعدم بذلك وإن تغيرت صفته وزال اسمه، فإنه إذا حلف لا يأكل من هذا الرطب فإنه يحنث إذا أكل منه وهو تمر أو وهو "مربة" وكذا إذا حلف لا يكلم هذا الصبي فإنه يحنث إذا كلمه وهو شيخ، لأن الصفة انعدمت وزال الاسم مع بقاء الأجزاء، ومثله إذا حلف؟؟ من هذا الحمل "ولد الشاة الصغيرة" فأكل منه وهو كبش. وكذا إذا حلف لا يأكل هذه الحنطة فصارت دقيقاً أو هريسة يحنث بالأكل منها. الثالث: أن تتبدل الإضافة كما إذا قال: والله لا أدخل دار فلان فباعها لغيره أو قال: والله لا أكلم امرأته علي فطلقها فإنه يحنث إذا كلم المرأة بعد طلاقها أو دخل الدار بعد بيعها. الشافعية - قالوا: الأيمان إن كانت بالله تعالى فإنها تبنى على العرف فيحمل اللفظ فيها على معناه المتعارف ولو كان مجازاً، سواء كان مجازاً متعارفاً أو لا. أما إذا كان اليمين بالطلاق فإنه يبني اللفظ فيه على معناه اللغوي ولا ينظر فيه للعرف، فإذا قال: والله لا آكل من هذه الشجرة فإنه يحنث إذا أكل من ثمرها، مع أن مدلول لفظ الشجرة الحقيقي هو الشجرة والورق ولكن هذه العبارة استعملت عرفاً في ثمر الشجرة فصارت مدلولاً لها في العرف. وكذلك إذا حلف أمير لا يبني داره يحنث إذا بناها الغير، وكذلك إذا حلف لا يحلق رأسه فحلق له غيره بأمره فإنه يحنث على المعتمد نظراً للعرف ما لم ينو شيئاً آخر فيعمل بنيته. وكذا إذا حلف بالله لا يأكل هذه البيضة فبلعها بدون مضغ حنث، لأن البلغ أكل في العرف أما إذا حلف بالطلاق لا يأكلها فبلعها بدون مضغ لا يحنث لأن البلع بدون مضغ لا يسمى أكلاً في اللغة. واليمين بالطلاق يبنى على اللغة لا على العرف كما علمت. أما النية فإنها معتبرة في الأيمان ما لم ينو ما لا يحتمله اللفظ، وقد تقدم أنه إذا قال: والله ما فعلت كذا ونوى أن يقول: وهو الله، لا ينعقد يمينه. وكذا إذا قال: بالله فعلت كذا نوى الاستعانة بالله