وإذا كان للمحجور عليه وصيان فإنه لا يصح لأحدهما أن ينفرد برهن مال المحجور عليه بدون الاتحاد مع الآخر، كما لا يصح له أن ينفرد ببيعه. وأما القسم الثاني وهو ما يتعلق بالمرهون: فهو أن ما يصح بيعه يصح رهنه وبالعكس. فلا يصح رهن النجس كجلد الميتة ولو بعد دبغه، ولا رهن الخنزير ولا الكلب، لأنه لا يجوز بيع ذلك. وكذلك الخمر، سواء كانت ملكاً لمسلم ورهنها عند مسلم أو ذمي، أو كانت ملكاً لذمي ورهنها عند مسلم. فإن رهنها فاسد على أي حال، على أنه يستثنى من قاعدة كل ما لا يصح بيعه لا يصح رهنه: الأشياء التي بها غرر كالثمرة التي لم تخلق، والجنين الذي في بطن أمه، والثمر قبل بدو صلاحه ونحو ذلك مما فيه غرر "أي خطر" بمعنى أن وجوده غير متحقق فقد يوجد لا يوجد، فإنه لا يصح بيعه ولكن يصح رهنه. فأما الذي فيه غرر شديد كالجنين في بطن أمه، والثمرة التي لم توجد ففيه خلاف، فقيل: لا يجوز رهنه كما لا يجوز بيعه، وقيل: يجوز رهنه ولو عدة سنين. ومحل الخلاف ما إذا اشترط الراهن في عقد البيع أو القرض كأن قال له: بعتك هذه السلعة بثمن إلى أجل بشرط أن ترهن لي الجنين الذي في بطن الناقة، أو ثمر حديقتك سنتين قبل أن يخلق. ومثل ذلك ما إذا قال له: أقرضتك كذا الخ، أما إذا لم يشترط الرهن في عقد البيع أو القرض. بل باع لأجل أو أقرضه لأجل ولم يشترط رهن الجنين، فإنه يجوز له أن يرهنه بعد ذلك بلا خلاف. وأما الذي غرره غير شديد كالثمر قبل ظهور صلاحه فلا خلاف في جواز رهنه، فإذا رهن الثمرة قبل بدو صلاحها فإنه ينتظر بدو صلاحها ثم يبيعها في الدين. وإذا مات الراهن أو أفلس قبل ظهور الصلاح وكان عليه دين لغير المرتهن وعنده مال آخر غير المرهون، فإن للمرتهن أن يتشرك مع الغرماء بجميع دينه في المال الذي تركه غير المرهون، لأن الدين متعلق بالذمة لا بالعين المرهونة وما دامت غير صالحة ووجد ما يفي لغيره من أرباب الديون فإن له الحق أن يسترك معهم في ذلك، حتى إذا ظهر صلاح الثمرة بيعت واختص بثمنها إن وفى دينه ورد ما أخذه أولاً وإن زاد رد الزيادة، وإن نقص استوفى ماله؛ والفرق بين حالة البيع وحالة الرهن: أن المالك له أن يقرض ماله، أو بيعه لأجل بدون أن يرهن شيئاً أصلاً، فيصح له أن يرهن شيئاً محتمل الوجود والعدم لأنه خير من لا شيء على كل حال. ويشترط أن يكون الدين عيناً، فيصح رهن الدين بالدين، سواء كان للمدين نفسه أو لغيره. ويشترط في